وفي الكلّ نظر : أمّا العمومات الآمرة بالقراءة فلأنّها إنّما يدلّ على استحبابها حيث لم يشتمل على جهة محرّمة ، أمّا معها فالتحكيم لأدلّة التحريم ، من دون فهم التعارض أصلا ، ولذا لم يتأمّل أحد في تقديم ما دلّ على حرمة الزنا ، واللّواط ، وشرب الخمر على ما دلّ على استحباب قضاء حوائج المؤمنين ، وإدخال السّرور في قلوبهم ، وإن كان بين الدليلين العموم من وجه ، وذلك لأنّ أدلّة الإباحة والاستحباب والكراهة لا يعارض شيء منها شيئا من أدلّة الوجوب والمحرمة.
نعم لو قلنا بجواز اجتماع الأمر والنهى على جميع الوجوه اتّجه اجتماع الجهتين المستلزمتين للحكمين كالصّلاة في الحمّام ، ولو مع تعيّنه لتضّيق الوقت ، أو عدم مباح غيره ، فيتصوّر حينئذ اجتماع حرمة القراءة واستحبابها في قراءة القرآن بكيفيّة محرّمة كالغناء ، أو في هواء مغصوب ، أو بلسان مغصوب عينا كلسان العبد الأبق أو العاصي ، أو منفعة كالأجير لقراءة غير القرآن.
وأمّا خبر «المجمع» فمع ضعفه ، وكونه من طريق العامّة ، وظهور الحمل على التقيّة ، سيّما مع شيوع المذهب بين العامّة ، محمول على ما مرّ في كلام الطبرسي في المعنيين.
ويؤيّده ما في «النهاية» لابن الأثير ، قال : «في حديث القرآن : «من لم يتغنّ بالقرآن فليس منّا» أى من لم يستغن به من غيره ، يقال : تغنّيت ، وتغانيت ، واستغنيت.
قيل : أراد من لم يجهر بالقراءة فليس منّا.
وقد جاء مفسّرا في حديث آخر : «ما اذن الله لشيء كإذنه للنبي يتغنّى