بالقرآن يجهر به» (١).
قيل : إنّ قوله : «يجهر به» تفسير لقوله «يتغنّى به».
وقال الشافعي (٢) : معناه تحسين القراءة وترقيقها ، ويشهد له الحديث الآخر : «زيّنوا القرآن بأصواتكم» وكلّ من رفع صوته ووالاه فصوته عند العرب غناء.
قال ابن الأعرابي (٣) : كانت العرب تتغنّى بالركباني (٤) إذا ركبت ، وإذا جلست في الأفنية ، وعلى أكثر أحوالها ، فلمّا نزل القرآن أحب النبيّ صلىاللهعليهوآله أن يكون هجيرتهم (٥) بالقرآن مكان التغنّي بالركباني ، الى أن قال : وفي حديث عائشة : «وعندي جاريتان يتغنيّان بغناء بعاث» (٦) ، أى تنشدان الأشعار التي قيلت يوم بعاث ، وهو حرب كانت بين الأنصار ، ولم ترد الغناء المعروف بين أهل اللهو واللعب (٧).
وحكى السيّد المرتضى عن أبى عبيد القاسم بن سلّام مستشهدا له ببيت الأعشى (٨) :
__________________
(١) المسند لابن حنبل ج ٢ ص ٢٧١ ـ وص ٢٨٥ ـ وص ٤٥٠.
(٢) هو محمد بن إدريس الشافعي امام الشافعيّة توفي سنة (٢٠٤) ـ تذكرة الحفّاظ ج ١ ص ٣٦٥.
(٣) هو محمد بن زياد الأديب اللغوي الكوفي المتوفى (٢٣١) ـ تاريخ بغداد ج ٥ ص ٢٨٢.
(٤) الركبانى : نشيد بالمدّ والتمطيط ـ الفائق ج ١ ص ٤٥٨.
(٥) الهجّيرى (بكسر إلها والجيم المشدّدة وآخرها الألف المقصورة) : العادة والدأب.
(٦) قال الطريحي في «المجمع» : بعاث بالضم كعزاب يوم حرب في الجاهليّة بين الأوس والخزرج وكان الظفر للأوس ، استمرّ مائة وعشرين سنة حتّى ألفّ بينهم الإسلام.
(٧) نهاية ابن الأثير ج ٣ ص ٣٩١ ـ ٣٩٢ في كلمة (غنا).
(٨) هو عامر بن الحارث بن رباح الباهلي من همدان ، شاعر جاهلي ـ الاعلام ج ٤ ص ١٦.