(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ) (١) ومثله كثير مما تأويله في تنزيله ، وهو من المحكم الذي ذكرنا ، وأمّا ما تأويله مع تنزيله فمثل قوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (٢) فلم تستغن الناس بتنزيل الآية حتى فسّر الرسول من أولي الأمر ، وقوله تعالى : (اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (٣) فلم تستغن الناس الذين سمعوا هذا من النبي صلىاللهعليهوآله بتنزيل الآية حتى عرّفهم النبي صلىاللهعليهوآله من الصادقين ، وقوله تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) (٤) فلم تستغن الناس بهذا حتى أخبرهم النبي صلىاللهعليهوآله كم يصلّون وكم يزكّون.
وأمّا ما تأويله قبل تنزيله فالأمور التي حدثت في عصر النبي صلىاللهعليهوآله مما لم يكن عند النبي صلىاللهعليهوآله فيها حكم مثل الظهار حيث إنّ أوس بن الصامت (٥) ظاهر من امرأته فجاءت الى النبي صلىاللهعليهوآله وأخبرته بذلك ، فانتظر النبي صلىاللهعليهوآله الحكم من الله تعالى ، فأنزل الله سبحانه : (الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ) (٦) الآية ومثله ما نزل في اللعان وغيره مما لم يكن عند النبي صلىاللهعليهوآله فيه حكم حتى نزل عليه القرآن به من الله عزوجل ، فكان التأويل قد تقدّم التنزيل.
وأمّا ما تأويله بعد تنزيله فالأمور التي حدثت بعد عصر النبي صلىاللهعليهوآله من
__________________
(١) المائدة : ٣.
(٢) النساء : ٥٩.
(٣) التوبة : ١١٩.
(٤) البقرة : ٤٣ ، ٨٣ ، ١١٠ والنور : ٥٦.
(٥) أوس بن الصامت أخو عبادة بن الصامت الأنصاري ، صحابيّ شاعر قيل سكن بيت المقدس ، وتوفي بالرملة سنة ٣٢.
(٦) المجادلة : ٢.