تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ) (١) ، إذ المعلوم أنّ فهم ما فوق التأفيف من الضرب والشتم وما وراء الفتيل والذرّة من المقدار الكثير وما وراء القنطار من القليل والدينار من الكثير أسبق الى الفهم من نفس التأفيف ، والفتيل ، والذرّة ، والقنطار والدينار.
ولذا قالوا إنّه من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى وبالعكس ، وتوهّم كونه قياسا ولو بالأولوية غلط جدا ، إذ المقصود التنبيه لحكم المسكوت عنه الّذي هو المدلول عرفا وأين هذا من الإلحاق. وإن احتمل بحسب الفهم العرفي فلا يخلو إمّا أن يكون المحتملات متساويين ، أو أحدهما راجحا والآخر مرجوحا ، فإن تساويا إمّا للاشتراك أو لتصادم الأمارات أو غير ذلك فهو مجمل ومبهم ذاتي أو عرضي ، بحسب الموارد أو المصداق مع تعيين المراد وعدمه ، وإلّا فالراجح ظاهر ، بلا فرق بين كون الرجحان ناشئا عن الحقيقة بأقسامها أو عن القرائن ، والمرجوح مأوّل صحيح إن تعذر إرادة الظاهر ، وفاسد مع جوازه ، وقد يخصّ بالأول ، ويردّه صحة التقسيم ، وقولهم تأويل فاسد ، وورد النهي عنه ، ولذا عرّف أيضا بالمحمول على المرجوح وربما يضاف اليه لمقتضى والأولى تركه.
وقد ظهر ممّا مرّ صحّة قولهم بعدم تمشّي التأويل في النصّ والمجمل لاختصاصه بالظاهر ، وهذا مبني على اصطلاحهم الذي لا مشاحّة فيه ، وإلّا فالمستفاد من نصوص أهل الخصوص ثبوت التأويل الذي يعبّر عنه بالباطن والتخوم لكل آية من الآيات ، بل للكلمات والحروف بلا فرق بين المجملات ، والظواهر ، والنصوص ، ولذا ورد فيما رواه جابر عن أبي جعفر عليهالسلام : إنّ للقرآن
__________________
(١) آل عمران : ٧٥.