الكوفيّين الى قوله : (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (١) ثمّ دعا بدعاء الختمة ، وهذا يسمّى الحالّ المرتحل.
قال : وفي جميع ما قدّمناه أحاديث يرويها العلماء يؤيّد بعضهم بعضا تدلّ على صحّة ما فعله ابن كثير.
ومثله في «نظم الشاطبية» و «طيبة النشر» وفي «شرح الأخير» : إنّ قوله : «حلّا وارتحالا» إشارة إلى الحديث المرفوع : «أفضل الأعمال الى الله الحالّ المرتحل» الّذى إذا ختم القرآن عاد فيه ، ثمّ حكى فعل ابن كثير ، قال : وله في فعله هذا دلائل من آثار مرويّة وردت عن النبي صلىاللهعليهوآله وأخبار مشهورة مستفيضة جاءت عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
الى غير ذلك من كلماتهم المتّفقة على هذا المعنى ، إلّا أنّ فيه عندي إشكالا لم أر من تنّبه عليه ، وهو أنّ ظاهر الخبرين المرويّين في «الكافي» (٢) و «ثواب الأعمال» (٣) من طرقنا هو أنّ الحالّ المرتحل هو الذي يفتح القرآن ويأخذ في قراءته ويستمرّ على ذلك مراعيا للترتيب حتّى يختمه ، والظّاهر أنّ المراد أنّ قراءته ليست غير منظّمة ، بحيث كلّما بدأ قرأ من موضع فربّما يتكرّر منه قراءة بعض الآيات ، وربّما لا يتّفق منه قراءة بعضها أصلا ، بل ينبغي أن يكون اهتمامه بالختمة التي بها عند الله تعالى دعوة مستجابة ، ولعلّ قوله في الخبر الأول : «فتح القرآن وختمه وكلّما جاء بأوّله ارتحل بآخره» صريح في ذلك ، وكذا الخبر الثاني ، فالحال هو المفتتح بالقرائة ، والمرتحل هو الفارغ عنه بالاختتام.
__________________
(١) البقرة : ٥.
(٢) أصول الكافي ص ٥٩٤.
(٣) ثواب الأعمال ص ٥٧.