وقد ظهر من جميع ما مرّ أنّ الظاهر من أخبار الباب هو ما مرّت إليه الإشارة من المعنيين المتقدمين.
نعم قد حكى من طريق العامّة عن أبي بن كعب : أنّ النبي صلىاللهعليهوآله كان إذا قرأ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) افتتح من الحمد ، ثمّ قرأ من البقرة إلى (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (١) ثمّ دعا بدعاء الختمة ، ثمّ قام.
بل المحكيّ عن الجزري أنّه صار العمل على هذا في أمصار المسلمين حتّى لا يكاد واحد يختم ختمة إلّا وشرع في اخرى ، سواء ختم ما شرع فيه أم لم يختمه ، نوى ختمه أو لم ينوه ، بل جعل ذلك عندهم من سنّة الختم ، ويسمّون من يفعل هذا الحالّ المرتحل ، أى الذي يحلّ في قراءة آخر الختمة وارتحل الى ختمة اخرى.
وعكس بعض أصحابنا هذا التفسير كالسخاوى ، وغيره ، فقالوا : الحالّ الّذي يحلّ في ختمة عند فراغه من اخرى ، قال : والأوّل أظهر ، وهو الّذي يدلّ عليه تفسير الحديث عن النبي صلىاللهعليهوآله.
أقول : قد سمعت أنّ الأوفق بل الظاهر من أخبار الأئمّة عليهمالسلام الذين هم حملة الوحي وخزّان العلم هو المعنى الّذى مرت إليه الإشارة ، بل يعضده ما سمعت من الزمخشري وغيره.
وممّا ينبغي أن يعلم أنّه يجب تعلّم القرآن وتعليمه كفاية ، ويستحبّ عينا أما الأوّل : لحفظ الشريعة ، وبقاء المعجزة ، وتوقّف استنباط الأحكام عليه في الجملة ، مع أنّه من المصالح المهمّة الّتى يجب القيام عليها كفاية ، مضافا إلى
__________________
(١) البقرة : ٥.