وفي الاصطلاح على ما ذكره بعض المحققين يطلق على ما اتضح معناه وظهر لكلّ عارف باللغة ، وعلى ما كان محفوظا من النسخ أو التخصيص ، أو منهما معا ، وعلى ما كان نظمه مستقيما خاليا عن الخلل ، وعلى ما لا يحتمل من التأويل إلّا وجها واحدا ، ويقابله بكلّ من هذه المعاني المتشابه انتهى (١).
إلّا أنّها لعلّها ناشئة عن الاختلاف في التعبير عن بعض المصاديق بأن يكون المحكم ما اتّضح وظهر دلالته على المعنى المقصود من المخاطبين ، والمتشابه ما لم يتضح دلالته ، للإبهام ، أو الاشتراك ، أو كون المفاد منه متعذر الإرادة ، لمخالفته لما ثبت بالعقل أو النقل القاطع به كالآيات الدالّة على ثبوت الجوارح والجهات لله سبحانه ، وثبوت الإضلال والجبر منه تعالى ، وغيرها مما ثبت خلافه بالضرورة من الدين إذا لم تقم هناك قرينة على تعيين شيء مما يخالف الظاهر ، أو اتضّحت دلالته لكن المعنى ليس مقصودا من المخاطبين لطروّ النسخ أو التخصيص والتقييد على وجه وإن كان الأظهر خلافه ، كما أنّ اختلاف المكلّفين من حيث الشروط والموانع الراجعة الى الموضوع أو الحكم لا مدخلية له في صيرورة الدلالة متشابهة. ولعلّك بما سمعت أمكن لك الجمع بين تلك الأقوال المختلفة إلّا ما شذ منها بالحمل على ذكر بعض المصاديق بل بين الأخبار التي ربما يتراءى منها الاختلاف.
ففي تفسير العيّاشي بالإسناد عن مسعدة بن صدقة (٢) : قال سئلت أبا عبد الله عليهالسلام عن الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه ، قال عليهالسلام : الناسخ الثابت المعمول به ، والمنسوخ ما قد يعمل به ثم جاء ما نسخه ، والمتشابه ما اشتبه على جاهة (٣) قال وفي رواية : الناسخ الثابت ، والمنسوخ ما مضى ، والمحكم ما يعمل
__________________
(١) مجمع البحرين كتاب الميم باب من أوله الحاء ـ مادة حكم ـ ص ٤٦٨.
(٢) مسعدة بن صدقة عامي ، ولكن رواياته في غاية المتانة والسداد ، روى عن الصادق والكاظم عليهماالسلام.
(٣) تفسير العيّاشي ج ١ ص ١١ ، بحار الأنوار ج ١٩ ص ٩٤.