خلّف شيئا فقد انتسخه ، وانتسخ الشيب الشباب ، وتناسخ الورثة أن تموت ورثة بعد ورثة وأصل الباب الإبدال من الشيء غيره ، وأمّا ما ربما يظهر من «القاموس» من التعدّد والتغاير حيث قال : نسخه كمنعه أزاله وغيّره وأبطله ، وأقام شيئا مقامه إلخ. فلعلّه من حيث المورد والمتعلق.
وعلى كلّ حال فالخطب فيه سهل كسهولته في أنّه حقيقة هل هو الإبطال والإزالة كما يلوح عن بعض ، أو إقامة الغير مقام المزال كما يظهر من آخرين ، أو الأمران معا كما عن الراغب (١) الأصفهاني في «المفردات» حيث قال : إنّه لغة إزالة الصورة عن الشيء وإثباتها في غيره كنسخ الظل للشمس ، ثمّ يقال في إزالة الصورة من غير إثباتها في غيره نحو قوله تعالى : (فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ) (٢) ، ويقال أيضا في إثبات مثل هذه الصورة في الغير من غير إزالتها عن الأوّل كنسخ الكتاب وهو إثبات ما فيه في محلّ آخر (٣).
__________________
وأرى محبّة من يقول بفضلهم |
|
سببا يجير من السبيل الجائرة |
أرجو بذاك رضي المهيمن وحده |
|
يوم الوقوف على ظهوره الساهرة |
توفّي ابن دريد سنة ٣٢١ ه.
(١) الراغب الحسين بن محمد بن المفضل الأصفهاني ، أديب من أهل أصفهان سكن بغداد واشتهر حتى كان يقرن بالغزالي له تصانيف قيّمة كمحاضرات الأدباء والذريعة الى مكارم الشريعة وجامع التفاسير كبير أخذ عنه البيضاوي في تفسيره ، وحلّ متشابهات القرآن والمفردات في غريب القرآن وهو من أجل كتبه وأجز لها فائدة وهو في الواقع تفسير جامع لما ورد في القرآن الكريم من الكلمات الصعبة توفىّ الراغب سنة ٥٠٢.
(٢) الحج : ٥٢.
(٣) المفردات ص ٤٩٠ قال : النسخ إزالة شيء بشيء يتعقبه كنسخ الشمس الظل الشمس ، والشيب الشباب فيفهم منه الإزالة وتارة منه الإثبات وتارة منه الأمران ونسخ الكتاب إزالة الحكم بحكم يتعقبه قال تعالى : (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها) قيل معناه ما نزيل العمل بها أو نحذفها عن قلوب العباد ، وقيل : معناه ما نوجده وننزله من قولهم نسخت الكتاب وما ننساه أي نؤخره فلم ننزله (فينسخ