بشيء وينهى عمروا عنه بعينه في زمان آخر ، لاختلاف المصالح بالوجوه والاعتبارات التي من أعظمها مقتضيات الأزمنة الناشئة منها أو حدوث الطوارئ فيها.
أو لا تكون معلّلة بها كما عن الأشاعرة فالأمر أوضح فإنّه حينئذ يفعل ما يشاء كيف يشاء ، ويغيّر ويبدّل حسب إرادته ومشيئته ، فلا مانع من أن يأمر بشيء قد نهى عنه سابقا أو بالعكس لتساوي نسبة الأمرين إلى فعله سبحانه.
هذا مضافا إلى أنّ الامتناع أمّا أن يكون ناشئا من ذاته أو ممّا يترتّب عليه وكلاهما فاسد.
أما الأوّل فلأن النسخ إمّا رفع ظاهر ، أو بيان أمد الحكم وانتهائه ، وقد قضت الضرورة الفعلية بأنّه ليس شيء منهما من الممتنعات الذاتية.
وأمّا الثاني فإن كانت من جهة تأخير البيان عن وقت الخطاب فقد قرّر في الأصول جوازه ، أو من جهة اختلاف المصالح باختلاف الأزمنة فقد سمعت الكلام فيه على الوجهين ، أو من جهة أخرى فلا يدرك العقل شيئا يقتضي الامتناع ، بل الإنصاف إنّه يدرك عدمه.
وأمّا ما يقال سندا للمنع ، أو حكاية عن المانع من أنّ الفعل إن كان حسنا قبح النهي عنه ، وإن كان قبيحا قبح الأمر به ، ففيه أنّ الحسن والقبح على القول بهما حسبما ما هو المقرّر عند الإمامية كما يكونان بالذات كذلك يكونان بالوجوه والاعتبارات ، وقد سمعت أنّه قد يتغيّر المصالح بتغيّر الأزمنة ، ألا ترى أنّ الطبيب قد يأمر المريض بشيء من الأغذية أو الأدوية ثمّ ينهاه عنه ، أو بالعكس ، فحفظة الشرع الذين هم أطباء النفوس ربّما يأمرون الناس بشيء في زمان ، وينهونهم عنه في زمان لعلمهم بما هو أقرب إلى السداد وأبعد عن الفساد ،