وأحرى بمصالح العباد ، هذا كلّه مضافا إلى جميع ما يأتي ممّا يدلّ على الوقوع فإنّه أدلّ دليل على الجواز.
وأمّا وقوع النسخ شرعا أعمّ من هذه الشريعة وغيرها من الشرائع وإن كان قد يعبّر عن صنف بالنسخ في الشريعة ، وعن آخر بنسخ الشريعة ، والأخير لا يتطرق إلى الأوّل لضرورة الخاتمية. فتدلّ عليه الضرورة القطعية من هذا الدين بل من سائر الأديان على تجدّد الشرائع واختلاف الأحكام بحسب اختلاف المصالح في الأزمنة ومقتضياتها التي من أجلها اختلف الشرائع والتكاليف بحسب الأزمنة وغيرها.
وتوهم اتحاد الشرائع وأنّ الأنبياء إنما بعثوا لتجديد الشرائع السالفة ، وتذكير الناس بها بعد اندراسها بينهم مدفوع بأنّه وإن كان بعض الأنبياء مبعوثين لذلك كأنبياء بني إسرائيل المجدّدين لمذهب موسى عليهالسلام ، وكأوصياء عيسى عليهالسلام المجدّدين لمذهبه ، بل وكذا أوصياء كل نبّي من الأنبياء إلّا أنّ القول به على سبيل الكليّة مخالف للضرورة القطعية. إذ من المعلوم بديهة أنّ ما جاء به نبيّنا خاتم النبيين صلىاللهعليهوآله بل وكذا ما جاء به سائر الأنبياء والمرسلين عليهمالسلام لم يكن بيانا وتجديدا لشريعة أبينا آدم عليهالسلام ، ضرورة أنّ كتابه هو حروف التهجي وشريعته بعض الأمور المتعلّقة بالفلاحة ونحوها ، وإن كانت مشتملة على بعض العبادات أيضا.
ودعوى أنّ بناء كل شريعة من الشرائع على زيادة شيء من الأحكام على الشريعة السابقة لا نسخ شيء منها وإبطالها ، مدفوعة بأنّه التزام للإبطال أيضا ولو لمثل حكم الإباحة ونحوها.
على أنّ التأمل في أحكام الشرائع وتجددها يوجب القطع بما سمعت بحيث لا يبقى معه مجال لهذه الخيالات.