في العقليّات ، وذلك انّ حكم العقل القطعي لا يتغيّر أصلا.
والخامس أيضا ضعيف بأنّ المنسوخ مطلق ، أو مؤبّد في الظاهر ، واللّازم ممنوع حسب ما سمعت سابقا.
بقي الكلام فيما يحكي عن أبي مسلم بن بحر الاصفهاني من إنكار النسخ في القرآن نظرا إلى بعض ما مرّ ممّا قد ظهر الجواب عنه ، وإلى قوله تعالى : (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ) (١) ، فلو جاز النسخ لبطل بعض الآيات إذ النسخ إبطال.
وضعف هذا لدليل واضح فإنّ الآيات قد فسّرت بأنه لا يأتيه الباطل من قبل التوراة ولا من قبل الإنجيل والزبور ولا يأتيه من بعده كتاب يبطله ، ونسخ الآية ولو من حيث التلاوة ليس إبطالا للكتاب الموضوع للمجموع ، مع أنّ الظاهر من الباطل ما يشهد ببطلانه لا ما يرفع الحكم والتلاوة.
على أنّه قد ورد في تفسيرها عنهم عليهمالسلام : ليس في اخباره عمّا مضى باطل ، ولا في اخباره عمّا يكون في المستقبل باطل ، بل أخباره كلّها موافقة كلّها لمخبراتها.
هذا مضافا الى الإجماع بل الضرورة على وقوع النسخ ودلالة جملة من الآيات عليه ـ كآية الاعتداد بالحول (٢) المنسوخة بآية الاعتداد بأربعة أشهر وعشر (٣) ، وتوهّم أنّه لم يزل بالكلية لأنّها لو كانت حاملا وامتدّ حملها حولا
__________________
(١) فصلت : ٤٢.
(٢) أي آية (٢٤٠) من سورة البقرة وهي : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ) إلخ ..
(٣) أي آية (٢٣٤) من سورة البقرة وهي : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) إلخ ..