ولعل بعض الآراء تتجه إلى أن الإمام الحسين عليهالسلام كان أقل الأئمّة رواية ، لما كان يعيشه من اضطهاد بني أمية وتعسفات معاوية وتهديداته مما حدا بالإمام الحسين عليهالسلام أن يقلل من رواياته ... وهذا الرأي لا يمكن أن يستقيم إذا ما عرفنا أن مهمة الإمام تبليغية وروايات الصمت والسكوت ـ التي أشارت إلى أن بعض الأئمّة صمتوا ـ لا يعني سكوتهم مطلقا عن تبليغ رسالاتهم بقدر ما كان الصامت منهم ينحو منحى التقية والحذر في بث الأحكام وتبليغها ، والإمام الحسين عليهالسلام كباقي الأئمّة فقد كان يتقي تربصات معاوية ونظامه ، فلذلك كان يبث مروياته بثا لا يثير انتباه النظام ، لكن ـ كما ذكرنا ـ أن الرواية تبقى في ذمة الراوي وذمة الظرف الذي يعيشه ، بين الحذر والخوف والمطاردة ، ليبث حديثهم الذي تحمّله عنهم عليهمالسلام ، وبين السكوت والاحتفاظ بالحديث ليندثر كما اندثر رواته.
ولا ننسى ما بذله معاوية من جهد استثنائي من أجل إيقاف المد الروائي لفضائل علي عليهالسلام وتهديد من روى له منقبة ، وبالمقابل أعلن عن مكافأته لرواة فضائل أعدائه ومناوئيه ، فاختفت بين خوف أصحابه وبين تحريف أعدائه الكثير من المرويات التي كان من الممكن أن تشكّل كما هائلا لعله لا يحصى من الأحاديث.
وليس ذلك على سبيل المبالغة والتنظير ، بل يتعدى الأمر إلى أن محدثي أهل السنة قد اعترفوا بحقيقة الأمر ، ورووا ما لا يمكن إنكاره في هذا المجال ،