وهكذا كان التحدي الإعجازي أساس التنزيل ، وجرت على ذلك دعوته صلىاللهعليهوآلهوسلم على أن الإعجاز القرآني لا يمكن أن يتوقف عند حد معين من حادثة أو آية ما ، بل إن استمرارية التحدي الإعجازي إلى يوم الدين ودعوة الإتيان من مثله ما زالت قائمة كذلك ، ويمكن أن نوجز آليات التحدي الإعجازي بالنقاط التالية :
أولا : الأسلوب القرآني
إذ يحمل هذا الأسلوب مقومات الإبداع الفني الدائم ، بل المعطاء ، وأقصد بالمعطاء ، أنه ملهم للجمالية البلاغية التي تلهم كل من تابع مفاصله الإبداعية ، فضلا عن كون جماليته تحمل معها استمرارية الإبداع ، إذ كلما تقدّم بأهل فن الفصاحة والبلاغة فانهم يجدون أنفسهم عاجزين عن اللحوق بهذا الإبداع الجمالي.
ثانيا : مواكبة الحدث
لم يكن القرآن كتاب مواعظ قصصية ، بقدر ما هو يختزل الحدث ثم يقدمه في حينه ، وبمعنى آخر إن حضور الحدث في الآية القرآنية الواحدة من أهم خصائصها ، أي أن الحدث القرآني ثلاثي الزمان بما تحمل أبعاد الزمان من معنى لماضيه ، وحاضره ، ومستقبله ، أي تبقى الصورة القرآنية تمتلك الحيوية الدائمة والحركة الدؤوبة في خضم البعد الزماني ، فهي حركة تاريخ كما هي تصوير حاضر بكل تفاصيله فضلا عن استشراف المستقبل بدقائقه الآتية.