غير مسبوق بالتجزي ، للزوم الطفرة (١). وبساطة الملكة وعدم قبولها التجزئة ، لا تمنع من حصولها بالنسبة إلى بعض الابواب ، بحيث يتمكن
______________________________________________________
والمتحصل من هذا الدليل هو ان الاجتهاد عبارة عن مدارك متعددة مختلفة ، ويختلف ايضا من ناحية المستنبط من حيث سعة الاطلاع ومن حيث عمق النظر ، واذا كان كذلك فلا محالة يكون تجزي الاجتهاد موجودا بالفعل.
وقد اشار الى اختلاف المسائل نفسها ـ سهولة وصعوبة ـ بقوله : «حيث كانت ابواب الفقه مختلفة مدركا والمدارك متفاوته سهولة وصعوبة عقلية ونقلية». واشار الى الاختلاف من ناحية الاشخاص بقوله : «مع اختلاف الاشخاص في الاطلاع ... الى آخر الجملة». واشار الى ان هذا الاختلاف من هاتين الجهتين يستلزم التجزي في الاجتهاد بقوله : «وهذا بالضرورة ربما يوجب حصول القدرة على الاستنباط في بعضها لسهولة مدركه ... الى آخر الجملة».
(١) هذا هو الوجه الثاني على امكان التجزي. وحاصله : ان الاجتهاد المطلق امر تدريجي الحصول ، واذا ثبتت تدريجيته فالعقل يحكم بضرورة التجزي في الاجتهاد ، لحكم العقل باستحالة الطفرة في كل امر
تدريجي. ولا فرق بين حكمه باستحالة الطفرة في المسافة الخارجية وبين الطفرة في الاجتهاد في ابواب الفقه ، وكما ان الطفرة في المسافات محال لاستلزامها الخلف ، من ناحية فرض كون الحصول في المكان الاخير متوقفا على الحصول قبله في المكان المتقدم عليه ، أو لزوم حصول المعلول من دون بعض ما تتوقف عليه علته ، فان الحصول في المكان المتقدم من بعض ما يتوقف عليه الحصول في المكان المتأخر ، والحال كذلك في كل امر تدريجي.
ومما ذكرنا يظهر : ان الطفرة محال في حصول الاجتهاد المطلق من دون حصول التجزي قبله لكون كل منهما امرا تدريجيا.
واما كون الاجتهاد تدريجيا فلما اشرنا اليه من ان استنباط بعض الاحكام يتوقف على مسائل تتوقف بعضها على بعض ، فان استنباط حكم الكر يتوقف على معرفة