من التصويب هو الالتزام بإنشاء أحكام في الواقع بعدد الآراء بأن تكون الاحكام المؤدي إليها الاجتهادات أحكاما واقعية كما هي ظاهرية فهو وإن كان خطأ من جهة تواتر الاخبار ، وإجماع أصحابنا الاخيار على أن له تبارك وتعالى في كل واقعة حكما يشترك فيه الكل ، إلا أنه غير محال ، ولو كان غرضهم منه الالتزام بإنشاء الاحكام على وفق آراء الاعلام بعد الاجتهاد ، فهو مما لا يكاد يعقل ، فكيف يتفحص عما لا يكون له عين ولا أثر ، أو يستظهر من الآية أو الخبر (١) ، إلا أن يراد التصويب بالنسبة
______________________________________________________
وقد اشار الى محالية التصويب بالمعنى المذكور اما من حيث الجهات الثلاث او من حيث بعضها بقوله : «ولا يخفى انه لا يكاد يعقل الاجتهاد» وهو حصول الظن للمجتهد او القطع «في حكم المسألة إلّا اذا كان لها حكم واقعا» متقدم على الظن به او القطع به ، لبداهة انه لا بد وان يكون هناك حكم واقعي معلوم اصل تحققه للمجتهد ، فيكون بصدد الوصول اليه واستنباطه حتى يمكن ان يحصل له الظن او القطع به ، وما ذكرنا هو معنى قوله (قدسسره) : «حتى صار المجتهد بصدد استنباطه من ادلته وتعيينه بحسبها» أي بحسب ادلته «ظاهرا» حيث يكون ظانا به وواقعا بحسب نظره حيث يكون قاطعا به.
(١) هذا هو الاحتمال الثاني للتصويب ، وحاصله : ان يكون المراد بالتصويب هو تقدم الحكم على الظن من المجتهد به ، وحينئذ يكون لازم قولهم كل مجتهد مصيب هو انشاء أحكام واقعية بعدد آراء المجتهدين. ولا يخفى ان التصويب بهذا المعنى لا يستلزم محالا من المحالات المتقدمة ، لانها انما تلزم حيث يفرض تأخر الحكم الواقعي عن رأي المجتهد. إلّا انه باطل لتواتر الاخبار وقيام الاجماع القطعي على ان الحكم الواقعي واحد وهو مشترك بين الكل.
ولازم التصويب بهذا المعنى تعدد الحكم وعدم اشتراكه بين الكل ، بل لكل واحد حكم واقعي. ولا يخفى ان لازمه جعل أحكام واقعية متضادة تارة كما اذا