إلى الحكم الفعلي ، وأن المجتهد وإن كان يتفحص عما هو الحكم واقعا وإنشاء ، إلا أن ما أدى إليه اجتهاده يكون هو حكمه الفعلي حقيقة ، وهو مما يختلف باختلاف الآراء ضرورة ، ولا يشترك فيه الجاهل والعالم بداهة ، وما يشتركان فيه ليس بحكم حقيقة بل إنشاء ، فلا استحالة في التصويب بهذا المعنى ، بل لا محيص عنه في الجملة بناء على اعتبار الاخبار من باب السبية والموضوعية كما لا يخفى (١) ، وربما يشير إليه ما
______________________________________________________
آراء الاعلام بعد الاجتهاد» كما عرفت في الاحتمال الاول «فهو مما لا يكاد يعقل ... الى آخر الجملة».
(١) هذا المعنى الثالث من التصويب ، وهو ليس في الحكم الواقعي بل هو في الحكم الظاهري الفعلي. وبيانه : انه هناك حكم واقعي واحد منبعث عن المصلحة الواقعية الداعية له وهو الذي يشترك فيه الجاهل والعالم ، وبعد التفحص عنه واداء نظر المجتهد اليه بحسب الطريق الذي يراه فيؤدي اجتهاده الى الظن بالحكم الواقعي.
وينسب الى المشهور ان المستفاد من ادلة اعتبار بعض الظنون هو جعل الشارع لحكم ظاهري على طبق ما أدى اليه ظن المجتهد ، وكون هذا تصويبا انما هو لاجل ان في مرحلة الظاهر احكاما متعددة على قدر آراء المجتهدين لا في مرحلة الواقع ، بل في مرحلة الواقع ليس هناك إلّا حكم واحد مشترك. نعم الاحكام الظاهرية ليست احكاما مشتركة لفرض تعددها بتعدد آراء المجتهدين. وحيث كان الالتزام بالحكم الظاهري المتعدد والحكم الواقعي الواحد المشترك يلزمه ان يكون لكل واقعة حكمان حكم واقعي وحكم ظاهري ، واجتماع الحكمين في موضوع واحد لازمه اجتماع المثلين ان كانا من طبيعة واحدة كوجوبين ، واجتماع الضدين ان كانا من طبيعتين كوجوب وحرمة .. فلذا كان لهم مسلكان في دفع هذا المحذور ، وهو محذور الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري ، وقد تقدم الكلام فيه في مبحث الظن ايضا :