ومنها : دعوى السيرة على البقاء ، فإن المعلوم من أصحاب الائمة (عليهمالسلام) عدم رجوعهم عما أخذوه تقليدا بعد موت المفتي.
وفيه : منع السيرة فيما هو محل الكلام ، وأصحابهم (عليهمالسلام) إنما لم يرجعوا عما أخذوه من الاحكام ، لأجل أنهم غالبا إنما كانوا يأخذونها ممن ينقلها عنهم عليهمالسلام ، بلا واسطة أحد ، او معها من
______________________________________________________
المناقشة فيها. ومقدماته هي : العلم الاجمالي بثبوت التكاليف الفعلية ، وانسداد باب العلم والعلمي على الجاهل ، وعدم جواز الاهمال ، وعدم امكان الاحتياط ولا الرجوع الى الاصول للعامي لعدم معرفته ، وانحصار الحال على هذا بتقليده للغير لانه اقرب الامور بالنسبة اليه الى معرفة التكاليف الفعلية عليه.
ولا يخفى ان النتيجة على هذا هو حجية رأي المجتهد بالنسبة الى العامي من دون فرق بين الحي والميت. ولا يخفى ايضا انه لو تم دليل الانسداد لدل على جواز تقليد الميت ابتداء ايضا ، بل لدل ايضا على تعيين تقليد الميت فيما اذا كان اعلم من الحي لانه اقرب الى معرفة التكاليف الواقعية الفعلية.
وقد اشار الى ما ذكرنا بقوله : «دعوى انه لا دليل على التقليد الا دليل الانسداد وقضيته جواز تقليد الميت كالحي بلا تفاوت بينهما اصلا» كما عرفت ، بل ربما يتعين تقليد الميت.
والجواب عنه منع المقدمة الثانية وهي انسداد باب العلم والعلمي ، لما عرفت من انفتاح باب العلم والعلمي. اما انفتاح باب العلم الدال على التقليد فهو ما مرت الاشارة اليه : من انه من الامور البديهية الوجدانية. واما انفتاح باب العلمي فهو الاخبار الدالة على التقليد التي قد مر بيانها. والى هذا اشار بقوله : «وفيه انه لا يكاد تصل النوبة اليه» أي لا تصل النوبة الى دليل الانسداد «لما عرفت من دليل العقل والنقل عليه».