وبعده : (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ.)
وقبل ما في الجاثية : (وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ ما كَسَبُوا شَيْئاً.)
وبعد ما في الزمر : (فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ.)
١١٩ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ.)
فإن قلت : ما فائدة قوله : (بِدَيْنٍ) مع أنه معلوم من (تَدايَنْتُمْ.)
قلت : فائدته الاحتراز عن" الدّين" بمعنى المجازاة ، يقال : داينت فلانا بالمودة ، أي جازيته بها ، وهو بهذا المعنى لا كتابة فيه ولا إشهاد.
وقيل : فائدته رجوع الضمير إليه في قوله : (فَاكْتُبُوهُ) إذ لو لم يذكره لقال : فاكتبوا الدّين ، والأول أحسن نظما.
١٢٠ ـ قوله تعالى : (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى.)
قرئ : " تذكر" بالتخفيف والتشديد.
فإن قلت : كيف جعل (أَنْ تَضِلَ) علة لاستشهاد المرأتين بدل رجل ، مع أن علّته إنما هو التذكير.
قلت : بل علّته (أَنْ تَضِلَ) لأن الضلال من إحداهما يكثر وقوعه فصلح أن يكون علّة لاستشهادهما ، وبتقدير عدم صلاحه فالتعليل" بأن تضلّ" في الحقيقة إنما هو للتذكير ، ومن شأن العرب إذا كانت للعلّة علّة ، قدّموا ذكر علّة العلّة ، وجعلوا العلّة معطوفة عليها بالفاء ، لتحصل الدلالتان معا بعبارة واحدة ، كقولك : أعددت الخشبة أن يميل الجدار ، فأدعمته بها ، فالإدعام علّة في إعداد الخشبة ، والميل علّة الإدعام.
١٢١ ـ قوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ)
فإن قلت : كيف شرط السفر في الارتهان مع أنه ليس بشرط فيه؟
قلت : لم يذكره لتخصيص الحكم به ، بل لكونه مظنة عوز الكاتب ، والشاهد الموثوق بهما.
١٢٢ ـ قوله تعالى : (وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ.)
فإن قلت : ما فائدة ذكر القلب ، مع أن الجملة موصوفة بالإثم؟
قلت : لما كان كتمان الشهادة هو إضمارها في القلب ، وإثمه مكتسبا بالقلب