من التقريب الاوّل.
وقد يقال : إنّ هناك بعض الحالات لا يجري فيها كلا التقريبين ، وذلك فيما إذا حصل العلم الاجمالي بنجاسة أحد المائعين بعد تلف المائع الاوّل ثم علم بانّ الثوب كان قد لاقى المائع الاوّل ، ففي هذه الحالة لا يجري التقريب الاوّل لأنّ العلم الاجمالي المتقدّم ليس منجّزا لاختلال الرّكن الثالث فيه كما تقدّم (١) ، فلا يمكن ان يحول دون تنجيز العلم الاجمالي المتأخّر بنجاسة الثوب او المائع الآخر الموجود فعلا ، ولا يجري التقريب الثاني لانّ الاصل المؤمّن في المائع الأوّل لا معنى له بعد تلفه ، وهذا يعني أن الاصل في المائع الآخر له معارض واحد وهو الاصل المؤمّن في الثوب فيسقطان بالتعارض.
ولكن الصحيح ان التقريب الثاني يجري في هذه الحالة أيضا لانّ تلف المائع الأوّل لا يمنع عن استحقاقه لجريان اصل الطهارة فيه ما دام لطهارته اثر فعلا وهو طهارة الثوب ، فاصل الطهارة في المائع الاوّل ثابت
__________________
فلتقدم الاصل الجاري في الملاقى رتبة على الاصل الجاري في الملاقي ، إذ أنّ الاصل الجاري في الملاقى في رتبة الاصل الجاري في غير الملاقى.
وأمّا في التقريب الاوّل فانّ التأخّر كان بلحاظ الزّمان فقط ، ولذلك كان التقريب الثاني اوسع جريانا من التقريب الأوّل.
(١) وبتعبير آخر : ... ليس منجّزا لعدم جريان الأصل المؤمّن في المائع الأوّل لتلفه ، فيجري الأصل المؤمّن الجاري في المائع الثاني والاصل المؤمّن الجاري في الثوب ويتعارضان ويتساقطان ، والنتيجة منجّزية العلم الإجمالي.