(الاصول العملية الشرعية والعقليّة)
وتنقسم الاصول العملية إلى شرعية وعقلية. فالشرعية هي ما كنّا نقصده آنفا ، ومردّها إلى أحكام ظاهرية شرعيّة نشأت من ملاحظة أهمية المحتمل ، والعقلية : وظائف عملية عقلية ومردّها في الحقيقة إلى حقّ الطاعة إثباتا ونفيا (١). فحكم العقل مثلا بأنّ الشغل اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني مرجعه إلى أنّ حقّ الطاعة للمولى الذي يستقلّ به العقل إنّما هو حقّ الطاعة القطعية (٢) فلا تفي الطاعة الاحتمالية بحقّ المولى. وحكم
__________________
(١) هذه ملاحظة مهمة وهي أن الأحكام العقلية ليست أحكاما شرعية أصلا ، فان مرجع الأحكام العقلية الى حكم العقل ب «وجوب طاعة المولى» وهذا حكم عقلي ـ لا شرعي أمرنا الله تعالى به ـ إذ لا يصح أن يأمرنا المولى باطاعته ـ إن لم يحكم العقل أوّلا بذلك ـ لاننا نسأل : ما الدليل على وجوب إطاعة «الأمر بالاطاعة»؟ فان قلت : الدليل أمر المولى لنا بذلك ، قلت : ما الدليل على وجوب إطاعة هذا الأمر؟ فيبقى السؤال ، فاذن لا يصح أن يقول بان" اطاعة المولى واجبة" حكم شرعي ، وانما هو عقلي. (ثم) ان جميع الاحكام التي ترجع الى هذا الحكم العقلي هي حتما أحكام عقلية كقواعد «الشغل اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني» ووجوب مقدمة الواجب وغيرها
(٢) هذا الشغل اليقيني الذي يستدعي الفراغ اليقيني يجري إذا شككنا بانجاز تكليف يقيني ثبت في ذمتنا. مثال ذلك : لو فرضنا أنّ انسانا ثبت في ذمّته