العقل بقاعدة قبح العقاب بلا بيان ـ على مسلك المشهور ـ مرجعه إلى تحديد دائرة حقّ الطاعة في التكاليف المعلومة خاصّة ، بينما يرجع حكم العقل بمنجّزية التكاليف المحتملة عندنا إلى توسعة دائرة حقّ الطاعة وهكذا.
وللقسمين مميّزات يمكن ذكر جملة منها فيما يلي :
أوّلا : إنّ الاصول العملية الشرعية أحكام شرعية ، والاصول العملية العقلية ترجع إلى مدركات العقل العملي (١) فيما يرتبط بحقّ الطاعة.
__________________
كفّارة يمين ، وكان عليه إحدى الخصال الثلاث المعروفة ، والتي من جملتها إطعام عشرة مساكين ، فأعطى مالا بقيمة عشرة أمداد إلى عشرة مساكين لا بنحو التوكيل في شراء الطعام عنه ، ثمّ بعد ذلك شكّ في براءة ذمّته ، ففي مثل هذه الحالة يحكم العقل بوجوب الاحتياط والاعادة ، ويسمّون هذه القاعدة العقلية بقاعدة «الاشتغال» والتي مفادها أنّ الاشتغال اليقيني بالتكليف يستدعي ـ عقلا ـ الفراغ اليقيني.
والمراد من قول المصنّف (قده) «... حقّ الطّاعة القطعية ...» أنّ للمولى تعالى ـ عند الشك في انجاز المكلّف به ـ حقّا على العبد في السعي حتّى يعلم بأنّه قد أدّى ما عليه ، هكذا يحكم العقل لا الشرع.
(١) مدركات العقل العملي هي الاحسان والعدل ، وكفران النعمة والظلم ونحوها ممّا ينبغي أو لا ينبغي أن يعمل ، ومدركات العقل النظري هي التي لا يكون لها علاقة بالعمل مباشرة ، نعم العقل النظري منشأ ومبدأ لادراكات العقل العملي ، فمن مدركات العقل النظري كون الكل أعظم من الجزء ، وكون ما أراه كتابا أو بابا وككون الأمر الفلاني فيه مصلحة أو مفسدة.