٣ ـ انحلال العلم الاجمالي بالتفصيلي (١)
لكلّ علم اجمالي سبب ، والسبب تارة يكون مختصا في الواقع بطرف معيّن من اطراف العلم الاجمالي ، واخرى تكون نسبته إلى الطرفين او الاطراف على نحو واحد.
ومثال الأوّل : ان ترى قطرة دم تقع في أحد الاناءين ولا تميّز الاناء بالضبط فتعلم اجمالا بنجاسة احد الاناءين ، والسبب هو قطرة الدم وهي في الواقع مختصّة باحد الطرفين ، ويمكن أن تؤخذ قيدا في المعلوم بأن تقول : إني اعلم اجمالا بنجاسة ناشئة من قطرة الدم التي رأيتها لا بنجاسة كيفما اتّفقت ، ويترتّب على ذلك أنّه إذا حصل علم تفصيلي بنجاسة إناء معيّن من الاناءين فان كان هذا العلم التفصيلي بنفس سبب العلم الاجمالي بان علمت تفصيلا بان القطرة قد سقطت هنا انحل العلم الاجمالي بالعلم التفصيلي وانهدم الركن الثاني إذ يكون من النحو الاوّل من الانحاء الاربعة المتقدّمة (عند الحديث عن ذلك الركن) ، وإن كان هذا
__________________
(١) الوجداني ، وهذا الانحلال يكون حقيقيّا ان كان المعلوم التفصيلي مصداقا للمعلوم الاجمالي.
__________________
يكون الطرف المختار هو الحرام الواقعي والثاني هو الحلال الواقعي ، ولا استهجان واضح في نظر المتشرّعة من جريان الاصول المؤمّنة ، وهذا الكلام جار سواء تقدّم العلم الاجمالي على الاضطرار ام تأخّر عنه أم عاصره في الوقت.
وكنتيجة لما ذكرنا نقول انه لا فرق بين الصورة الاولى والثانية ، ولا بين تقدّم العلم على الاضطرار او العكس او التعاصر بينهما ، بل المرجع في كل الحالات ـ مع عدم وجود استهجان واضح او قل تناقض في نظر المتشرّعة ـ هو اطلاق الاصول المؤمّنة.