ثالثا : لو سلّمنا بفقرات البرهان الثلاث فهي إنّما تنتج لزوم التصرّف في التكليف المعلوم (١) على نحو لا يكون الترخيص في تناول احد الطعامين لدفع الاضطرار إذنا في ترك الموافقة القطعية (٢) له ، وذلك يحصل برفع اليد عن اطلاق التكليف لحالة واحدة (٣) وهي حالة تناول الطعام المحرّم وحده من قبل المكلّف المضطر (* ١) مع ثبوته في حالة تناول كلا الطعامين معا ، فمع هذا الافتراض إذا تناول المكلّف المضطر العالم اجمالا أحد الطعامين فقط لم يكن قد ارتكب مخالفة احتمالية على الاطلاق ، وإذا تناول كلا الطعامين فقد ارتكب مخالفة قطعية (* ٢) للتكليف المعلوم فلا يجوز.
__________________
(١) وهو «وجوب اجتنابهما».
(٢) لم يتّضح لدينا وجه قوله : «... في ترك الموافقة القطعية له» ، والصحيح ان يقول «إذنا في جواز المخالفة القطعية» أي ... إذنا في شرب الإناء الآخر (غير المضطر اليه) ، بل هو بنفسه رحمهالله سيصرّح بهذا بعد اربعة اسطر.
(٣) أي وذلك يحصل برفع اليد عن اطلاق «يجب اجتنابهما» فيصير هذا الحكم هكذا «يجب اجتنابهما إلّا الفرد المضطرّ إليه فيجوز ارتكابه» ومعنى هذا بقاء ارتكاب الفرد الآخر على الحرمة او قل بقاء حرمة تناول كلا الطعامين معا (* ٣).
__________________
(* ١) الأولى أن يقول «... وهي حالة تناول الطعام المضطرّ اليه وحده من قبل المكلّف مع ثبوته ....».
(* ٢) أقول : لو ارتكبهما بالترتيب يكون قد تناول الاوّل حلالا للاضطرار اليه ويكون الثاني مخالفة احتمالية ـ لا قطعية ـ
(* ٣) (أقول) لكن الصحيح شمول اطلاق ادلّة الحلّ لما نحن فيه ايضا ، وذلك لاحتمال ان