فقلت : يا رسول الله أوصي بمالي كله؟ قال : لا. قلت : النصف؟ قال : لا. قلت : الثلث؟ قال : الثلث كثير ، إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس بأيديهم ـ الخبر] ولا يصل في القلّة بحيث يتجاوز الحد فان من ملك الكثير فأوصى لأقربائه مثلا بدرهم لم يكن وصية بالمعروف.
ويحتمل أن يرجع إلى الموصى لهم ، على أنه أمر بطريق العدل لا نحو أن يوصى للغنى ويترك الفقير أو يوصى للبعيد ويترك القريب. ولا يبعد الحمل على جميع ذلك لصلاحية اللفظ له.
(حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) مصدر مؤكد لمضمون الجملة ، أي حق ذلك حقا ثابتا على الذين يتقون من المعاصي ، فكأنهم خصوا بعد فهم التعميم من «عليكم» لشرفهم وكثرة انتفاعهم.
وقد اختلف في كون الآية منسوخة أو محكمة [فذهبت الحنفية بل أكثر العامة إلى كونها منسوخة].
قال في الكشاف (١) ان الوصية كانت في بدء الإسلام واجبة فنسخت بآية المواريث ، ولقوله (٢) صلىاللهعليهوآلهوسلم «ان الله أعطى كل ذي حق حقه ، ألا لا وصية لوارث».
__________________
(١) الكشاف ج ١ ص ٢٢٤.
(٢) أخرجه في المنتقى بشرح نيل الأوطار ج ٦ ص ٤٣ وفيه انه أخرجه الخمسة إلا النسائي قال في المنار ج ٢ ص ١٣٨ : فقد علم مما تقدم ان آية المواريث لا تعارض آية الوصية فيقال بأنها ناسخة لها إذا علم انها بعدها واما الحديث فقد أرادوا أن يجعلوا له حكم المتواتر أو يلصقوه بتلقى الأمة له بالقبول ليصلح ناسخا.
على انه لم يصل الى درجة ثقة الشيخين به فلم يروه احد منهما مسندا ورواية أصحاب السنن محصورة في عمرو بن خارجة وأبي امامة وابن عباس وفي اسناد الثاني إسماعيل بن عياش تكلموا فيه وانما حسنه الترمذي لأن إسماعيل يرويه عن الشاميين وقد قوى بعض الأئمة روايته عنهم خاصة.
وحديث ابن عباس معلول إذ هو من رواية عطاء عنه وقد قيل انه عطاء الخراساني وهو ـ