وينبه على ذلك ما رواه إسحاق بن (١) عمار عن الصادق عليهالسلام في الرجل يكون عليه الدين فيحضره الموت فيقول وليه علىّ دينك. فقال : يبرئه ذلك وان لم يوفه وليه من بعده وقال أرجو أن لا يأثم وانما إثمه على الذي يحتبسه. وإذا برئ بمجرد الضمان وان لم يوص فبراءته مع الوصية أولى ، وحينئذ فلا يؤاخذ به.
وقد تلخص مما ذكرناه أن الميت إذا أوصى بما عليه من الدين فإنما يبقى عليه عقاب التأخير في الدفع الى صاحبه حال حياته لو كان متمكنا منه فلو لم يكن متمكنا منه لم يكن مقصرا ولا اثم عليه بالتأخير أيضا.
نعم لو لم يوص كان عليه الإثم من هذه الجهة ، وإن فرض قضاء الوارث عنه وكذا الوصي لو لم يتمكن من الدفع إلى صاحب الحق وحصل التأخير لا باختياره فإنه لا يكون آثما بذلك وانما يأثم لو أخر عمدا فيكون مؤاخذا على قدر تقصيره. ولا فرق في ثبوت الإثم بينه وبين كل من يكون له دخل في المنع من إخراج الوصية على اى وجه كان ولو كان باعتبار النظارة لكونه تعاونا على الباطل.
واعلم أن ظاهر الآية وان كان في الوصية الخاصة وان تبديلها حرام لا الوصايا مطلقا ، الا أن الفقهاء عمموا الحكم بتحريم التبديل في جميع الوصايا ، للعلة الظاهرة وورود كون المراد بها العموم في الاخبار :
روى الكليني في الحسن (٢) عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل أوصى بماله في سبيل الله. فقال : أعطه لمن أوصى له به وان كان يهوديا أو نصرانيا ، ان الله تبارك وتعالى يقول (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ
__________________
(١) الوسائل الباب ١٤ من أبواب الدين والقرض الحديث ٢ ج ٢ ص ٦٢٣ ط الأميري عن الكافي.
(٢) الكافي ج ٢ ص ٢٣٧ باب إنفاذ الوصية على جهتها الحديث ٢ وهو في المرآة ج ٤ ص ١٢٧ ورواه في التهذيب ج ٩ ص ٢٠٣ بالرقم ٨٠٨ والاستبصار ج ٤ ص ١٢٩ بالرقم ٤٨٨ والفقيه ج ٤ ص ١٤٨ بالرقم ٥١٤ ومثله أيضا عن محمد بن مسلم عن أحدهما وهو في التهذيب بالرقم ٨٠٤ وفي الاستبصار بالرقم ٤٨٤.