قال أبو عبد الله عليهالسلام : أوعد الله تبارك وتعالى في مال اليتيم بعقوبتين إحداهما عقوبة الآخرة النار واما عقوبة الدنيا. فقوله عزوجل (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ) الآية ، يعنى : ليخش أن يضيع خلفه في ذرّيته كما صنع بهؤلاء اليتامى.
وروى الحلبي (١) عن الصادق عليهالسلام قال : ان في كتاب علي بن ابى طالب عليهالسلام ان آكل مال اليتيم ظلما سيدركه وبال ذلك في عقبه من بعده : يلحقه وبال ذلك ، أما في الدنيا فان الله يقول (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ) الآية ، وأما في الآخرة فإن الله يقول (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً) الآية.
وقيل فيها وجوه أخر أظهرها ما قلناه.
(فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) أمرهم بالتقوى الذي هو غاية الخشية بعد الأمر بها رعاية للمبدء والمنتهى ، إذ لا ينفع الأول دون الثاني ، بل الأصل العاقبة. ثم أمرهم بأن يقولوا لليتامى مثل ما يقولون لأولادهم بالرحمة والشفقة. وفي ترتيب الأمر بالاتقاء والقول السديد على سابقه إشارة إلى المقصود منه والعلة فيه والبعث على الترحم ، وان يحب لأولاد غيره ما يحب لأولاد نفسه ، وتهديد للمخالف بحال الأولاد ، فقد يستنبط منها الترفق بحال الأيتام ، وان يجعلهم بمثابة أولاده في الشفقة والرحمة وتدبير أحوالهم ، وان يخاف عليهم من أن يلحقهم الأذى والضياع كما يخاف على أولاده.
ويحتمل أن يكون المراد من القول السديد منع الموصى من الزيادة على الثلث في الوصية ، بل يأمرونه بما قلّ عنه كما (٢) قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لسعد «انك ان تترك ولدك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس». على أن الأمر للحاضرين عنده حال الإيصاء.
__________________
(١) المجمع ج ٢ ص ١٣.
(٢) مر الحديث في ص ١٠٤ من هذا المجلد.