ويحتمل أن يكون المراد ما يعم ذلك وزيادة أمره بماله وما عليه وتذكيره التوبة وكلمة الشهادة ونحوها.
ثم انه تعالى ذكر الوعيد على أكل مال اليتيم بقوله (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى) أطلق الأكل وأراد التصرف مطلقا كما مر غير مرة (ظُلْماً) حال من الفاعل أي ظالمين ، أو تمييز للأكل أي على وجه الظلم ، فإن أكل مال اليتيم قد يكون بالحق لقوله (وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) أجرة أو عوضا على ما سلف أو على وجه القرض ، كما إذا كان في ذلك مصلحة لليتيم ، فقد روى الكليني في الصحيح (١) عن منصور بن حازم عن الصادق عليهالسلام في رجل ولي مال يتيم فاستقرض منه شيئا. فقال : ان علي بن الحسين عليهالسلام كان يستقرض من مال أيتام كانوا في حجره فلا بأس بذلك.
وكذا لو خلط مالهم بماله وأكل معهم ، لقوله تعالى (وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ) وقد سأل عثمان بن عيسى (٢) الصادق عليهالسلام عن قول الله عزوجل (وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ). قال : يعنى اليتامى. قال : إذا كان الرجل ولي على أيتام في حجره فليخرج من ماله قدر ما يخرج لكل انسان منهم فيخالطوهم ويأكلون جميعا ولا يرزأنّ من أموالهم شيئا انما هي النار.
(إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً) اي ملء بطونهم ، يقال أكل فلان في بطنه وبعض بطنه ، قال كلوا في بعض بطونكم تعفوا. والمراد يأكلون ما يجر الى النار ويؤدي إليها ، أو ان ذلك كناية عن دخول النار فإنه إذا دخل النار بالكلية كان في بطنه نارا وان بطونهم تمتلئ نارا كأنهم أكلوها.
ويؤيده (٣) ما روي عن الباقر عليهالسلام انه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يبعث
__________________
(١) الكافي ج ١ ص ٣٦٥ باب التجارة في مال اليتيم الحديث ٥ وهو في المرات ج ٣ ص ٣٩٥.
(٢) الكافي ج ١ ص ٣٦٤ باب ما يحل لقيم مال اليتيم منه الحديث ٢ وهو في المرات ج ٣ ص ٣٩٥.
(٣) المجمع ج ٢ ص ١٣.