هذا [الموضع] تجاوز الله تعالى عن عقاب المكره لمكان الإكراه كما جوّز تناول الميتة لمكان الضرورة مع تصريحه بالمغفرة والرحمة بعد ذلك.
ويمكن أن يكون المراد أنه غفور رحيم للمكرهات والمكره معا ، بأن تكون المغفرة لهن على الإطلاق ولهم مع التوبة أو تفضلا. وفي الآية دلالة على تحريم الإكراه على الزنا والتكسب به وأخذ الأجرة عليه ونحو ذلك.
الثالثة : (لقمان ٦) (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ).
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) بأن يلهى عما يعنى ، كالأحاديث التي لا أصل لها والاساطير التي لا اعتبار فيها والمضاحك وفضول الكلام. وفي مجمع البيان أكثر المفسرين (١) على أن المراد بلهو الحديث الغناء ، وهو قول ابن عباس وابن مسعود وغيرهما ، وهو المروي عن أبي جعفر وابى عبد الله عليهماالسلام ، وعن أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال : منه الغناء ، وعن ابى عبد الله عليهالسلام أنه قال : هو الطعن في الحق والاستهزاء به.
واضافة اللهو الى الحديث بمعنى «من» ، وهي تبيينية ان أريد بالحديث المنكر ، والمعنى من يشتري اللهو من الحديث ، فان اللهو قد يكون من الحديث ومن غيره فبيّن بالحديث ، وان أريد ما هو أعم من المنكر كانت بمعنى من التبعيضية ، كأنه قيل من الناس من يشترى بعض الحديث وهو اللهو منه.
(لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) دينه أو قراءة كتابة ، وقرأ أبو عمرو بفتح الياء ، بمعنى ليثبت على ضلالته ، أو يزيد فيه (بِغَيْرِ عِلْمٍ) أى بحال ما يشتريه أو بالتجارة الصادرة منه حيث استبدل اللهو بقراءة القرآن.
(وَيَتَّخِذَها هُزُواً) ويتخذ السبيل سخرية واستهزاء. قيل إن سبب نزولها ما روى عن النضر بن الحرث (٢) حيث اشترى كتب الأعاجم وكان يحدث بها قريشا ويقول ان كان محمّد يحدثكم بحديث عاد وثمود فأنا أحدثكم بحديث رستم وإسفنديار و
__________________
(١) انظر المجمع ج ٤ ص ٣١٣.
(٢) المجمع ج ٤ ص ٣١٣ وقلائد الدرر ج ٢ ص ٢٢٢.