ويدلّ على اعتبار المصلحة إنّهما بمنزلة الوكلاء ونظر الوكيل منوط بالمصلحة بل لا يصح بدونها.
وامّا عدم العفو عن الجميع فيدلّ عليه صحيحة رفاعة المتقدّمة مع انّه خلاف المصلحة فتأمل وقيل ان الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج وعفوه ان يسوق إليها المهر كملا غير مرتجع بنصفه ، قال القاضي وهو مشعر بانّ الطلاق قبل المسيس مخيّر للزوج غير مشطّر بنفسه والى هذا يذهب الحنفية ومتأخري الشافعيّة قال في مجمع البيان (١) ورواه بعض أصحابنا غير انّ الأوّل أظهر. وأراد بالأوّل كونه مشطرا بنفسه وعليه المذهب.
وصاحب الكشّاف (٢) بعد ان نقل القولين رجح الأوّل نظرا إلى انّه يوجب اجراء العفو على ظاهره بخلاف الثاني فإنّ تسمية الزيادة على الحقّ عفوا غير معهود إلّا أن يقال لما كان الغالب على الحقّ عندهم ان يسوق إليها المهر عند التزويج فإذا طلّقها استحقّ ان يطالبها بنصف ما ساق إليها فإذا ترك المطالبة فقد عفى عنها أو سمّاه عفوا على طريق المشاكلة لكون العفو في مقابله.
وبناء هذا الكلام على تقدير كون الطلاق مشطرا للمهر كما هو المشهور بين العلماء ولو قيل انّ الطلاق مخير للزّوج كما أشار إليه القاضي فالعفو عنه ظاهر لا يحتاج إلى هذا التكلف الا انّه قول مرغوب عنه فيما بينهم.
(وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) لعلّ الخطاب فيه للزّوج والمرأة على تغليب الذكور ونقله في مجمع البيان (٣) عن ابن عبّاس وعن الشّعبي إنّه للزّوج وانّما جمع لانّه خطاب لكلّ زوج ثمّ قال وقول ابن عبّاس أقوى لعمومه اى شموله القبيلين معا.
وانّما كان العفو أقرب الى التقوى من وجهين أحدهما ان معناه أقرب الى ان
__________________
(١) المجمع ج ٢ ص ٣٢٤.
(٢) الكشاف ج ١ ص ٢٨٦.
(٣) المجمع ج ١ ص ٣٤٢.