يتقى أحدهما ظلم صاحبه لأنّه من ترك لغيره حقّ نفسه كان أقرب الى ان لا يظلم غيره بطلب ما ليس له ، والثاني معناه أقرب الى اتقاء معصية الله تعالى لأن من ترك حق نفسه أقرب الى أن لا يعصى الله بطلب ما ليس له ويحتمل ان يكون خطابا للنساء والأولياء على التغليب أيضا ولو قيل على هذا يكون العفو من الولي أقرب الى التقوى وهو غير معلوم لقلنا ظاهر انّه مع المصلحة يكون أقرب الى التقوى من الولي كما هو من المرأة وفيه ما فيه.
ويحتمل ان يكون المخاطب في الآية جميع النّاس والمراد انّ العفو من مطلق النّاس أقرب الى التّقوى ويكون الغرض منه بيان حسن العفو من غير خصوصيّة شخص ولا يخفى بعده عن سابق الآية ولا حقها ومقتضى الآية انّ العفو بلفظه كاف مطلقا وقيل ان كان المهر عينا فالمراد بالعفو إسقاطه بالهبة وان كان دينا فالمراد به الإبراء وما في معناه ولا يبعد حمل العفو على مثله فتأمّل.
(وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) اى ولا تنسوا ان يتفضّل بعضكم على بعض فتاخذوا مرّ الحكم واستيفاء الحقوق على الكمال من غير نقصان لأنّ مثله بعيد عن التفضّل.
بين تعالى في هذه الآية الكريمة الحكم الذي لا يعذر أحد في تركه وهو انّه ليس للزّوج ان ينقصها من نصف المهر ولا للمرءة ان تطالبه بالزّيادة.
ثمّ بين طريق الفضل من الجانبين وندب اليه وحثّ عليه وعن جبير ابن مطعم انّه تزوّج وطلّق قبل المسيس واعطى جميع المهر فقيل له في ذلك فقال انا أحقّ بالعفو وعدم نسيان الفضل.
(إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فلا يضيع تفضّلكم واحسانكم هذا وقد روي عن سعيد بن المسيّب انّ هذه الآية ناسخة لحكم المتعة في الآية الاولى قال أبو القاسم البلخي وهذا ليس بصحيح لانّ الآية الاولى تضمنت حكم من لم يدخل بها ولم يسم لها مهرا إذا طلّقها وهذه تضمّنت حكم الّتي فرض لها المهر ولم يدخل بها إذا طلّقها واحد الحكمين غير الأخر وهو جيّد والحق ان توهّم النسخ بينهما لا وجه له.
الثالثة : (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ) وهو المتعة الّتي تقدّم ذكرها وقيل