المراد بالمتاع نفقة العدة كما في قوله (مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ) وهو بعيد (حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) خصّهم بالذكر تشريفا لهم كما سلف نظيره ، ومقتضى الآية ثبوت المتعة لكلّ مطلّقة كما يقتضيه عموم «المطلقات» وبظاهره أخذ سعيد بن جبير فأوجب المتعة لكل مطلقة وتابعه عليه جماعة من العامة وهو بعيد.
وتفصيل المقام انّ المطلقات قسمان مطلقه قبل الدّخول فان لم يفرض لها مهر فلها المتعة على ما سلف وان فرض لها مهر فلا متعة لها وحسبها نصف المهر لأنّه تعالى اقتصر على ذلك ولم يذكر المتعة فلا تكون واجبة لها فهي مخرجة من عموم هذه الآية.
ولا كلام في ذلك إنّما الكلام في المطلقة بعد الدّخول سواء فرض لها مهر أو لم يفرض ، والّذي عليه أصحابنا انّها لا يجب لها المتعة ، لأنّها تستحقّ المهر كما دلّت عليه الآية السّابقة فهو حسبها ، قال في مجمع البيان (١) وعندنا انّها مخصوصة إن نزلتا معا ، وإن كانت تلك متأخّرة فهذه منسوخة ، لأنّ عندنا لا يجب المتعة إلّا للمطلقة الّتي لم يدخل بها ولم يفرض لها مهر ، فأمّا المدخول بها فلها مهر مثلها ان لم يسم لها مهر ، وان سمّى لها مهر فما سمّى لها وغير المدخول بها المفروض مهرها لها نصف المهر ولا متعة لها في هذه الأحوال.
ولا يبعد حملها على ما يشمل التمتيع الواجب والمستحبّ كما أشار إليه في الكشاف (٢) وذكره القاضي (٣) وهو موافق لمذهبنا ويؤيّده أخبار دلّت على المتعة لكلّ مطلقة ، وان كانت مدخولا بها.
[روى الحلبي (٤) في الصحيح قال سألته عن رجل تزوّج امرأة فدخل بها ولم يفرض لها مهرا ثم طلقها فقال لها مثل مهور نسائها ويمتعها ، ولا يضر كونها مقطوعة]
__________________
(١) المجمع ج ١ ص ٢٤٥.
(٢) الكشاف ج ١ ص ٢٨٩.
(٣) البيضاوي ج ١ ص ٢٥١ ط مصطفى محمد.
(٤) التهذيب ج ٧ ص ٣٦٢ الرقم ١٤٦٧ والاستبصار ج ٣ ص ٢٢٥ الرقم ٨١٤.