يا رسول الله واثنان قال واثنان ، واستفادة هذا من الآية بعيدة مع انّه غير اختياريّ للإنسان حتّى يؤمر به فينبغي ارتكاب خلاف الظاهر في الأمر بالتقديم.
(وَاتَّقُوا اللهَ) اي عقابه بترك مجاوزة الحدّ فيما بين لكم من الأحكام (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ) ملاقوا جزائه يعنى ثوابه ان أطعتموه وعقابه ان عصيتموه وانّما اضافه اليه تعالى لضرب من المجاز والحث الى العمل بالواجب الّذي عرفوه والتحذير من مخالفة ما نهوا عنه لا انّ اللّقاء بمعنى الرؤية كما يذهب إليه أهل التشبيه.
(وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) الكاملين في الايمان أو العاملين المستوجبين للمدح والتعظيم بفعل الطّاعات وترك المعاصي والمبشر به محذوف لمعلوميّته والمراد : بالجنّة أو الثّواب لأنهما المستحقان مع حصول التقوى.
السابعة [البقرة : ٢٣٣] (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ) خبر في معنى الأمر كقوله يتربصن والمعنى ليرضعن وفي جعل الخبر بمعنى الإنشاء مبالغة زائدة لما فيه من حث المأمور وحمله على الفعل حتّى كأنّه سارع في الامتثال واستحق الأخبار عنه كما قالوه وهو مسلك من البلاغة لطيف وفي الكشاف عند تفسير قوله الزاني لا ينكح إلّا زانية قرئ بالجزم على النّهي والمرفوع فيه معنى النّهى ولكن أبلغ وآكد كما انّ رحمك الله ويرحمك أبلغ من ليرحمك هذا كلامه.
__________________
ـ وص ٤٨٨ وكتاب الايمان والنذور ج ١٤ ص ٣٥٠ وشرح النووي على صحيح مسلم كتاب البر والصلة ج ١٦ من ص ١٨٠ الى ص ١٨٣ وتحفة الاحوذى كتاب الجنائز ج ٢ ص ١٥٨ وص ١٥٩.
وشرح الزرقانى على موطإ مالك ج ٢ من ص ٧٥ الى ص ٧٨ والمنتقى شرح الباجى المالكي على الموطإ ج ٢ ص ٢٧ وص ٢٨ ومجمع الزوائد ج ٣ ص ٥ الى ص ١١ وسنن البيهقي ج ٤ ص ٦٧ وسنن النسائي ج ٤ من ص ٢٣ الى ص ٢٦ وسنن ابن ماجه ج ١ ص ٥١٢.
قوله لم يبلغوا الحنث قال في مقاييس اللغة ج ٢ ص ١٠٨ : الحاء والنون والثاء أصل واحد وهو الإثم والحرج يقال حنث فلان في كذا أي اثم ومن ذلك قولهم بلغ الغلام الحنث اى بلغ مبلغا جرى عليه القلم بالطاعة والمعصية وأثبتت عليه ذنوبه ومن ذلك الحنث في اليمين فهو الخلف فيه فهذا وجه الإثم انتهى. ـ