وهذا الأمر عندنا أمر استحباب إذ لا يجب عليهنّ ارضاعهم نعم يستحبّ ذلك من حيث ان تربية الطّفل بلبن الأم أصلح له من سائر الألبان من حيث شفقة الأم عليه.
نعم هو واجب على الأب الّا ان يكون الولد بحيث لا يشرب الّا لبن امه أو كان بحيث لا توجد مرضعة غيرها أو كان الوالد عاجزا من تحصيل غيرها لإعساره وعدم قدرته على الأجرة فإنّه حينئذ يجب على الأم في الأولين بالأجرة وفي الثّالث لكونه ممن يجب نفقته عليها لكن إذا كانت قادرة ولم يكن الولد ذا مال.
قيل ويحتمل ان يكون المعنى ان الإرضاع في هذه المدة للأمّ بمعنى انّه حقّها ويجب على الأب تمكينها منه ولا يجوز له الأخذ منها وإرضاع غيرها فيكون حينئذ إخبارا عن حقّ الأم الواجب على الأب فلا يحتاج الى ارتكاب الخروج عن الظاهر من حمل الخبر على الأمر.
__________________
ـ وقيل المراد بلغ الى زمان يؤخذ بيمينه إذا حنث وقال الراغب عبر بالحنث عن البلوغ لما كان الإنسان يؤاخذ بما يرتكبه فيه بخلاف ما قبله وحكى ابن قرقول عن الداودي انه ضبطه بفتح المعجمة والموحدة وفسره بان المراد لم يبلغوا ان يعملوا المعاصي وقال ولم يذكره كذلك غيره والمحفوظ الأول.
ثم انه يدخل فقد الكبير الذي بلغ الحنث أيضا في ذلك بطريق الفحوى كما قاله الزين ابن المنير وقول بعضهم انه مختص بالصغير وذكرهم لذلك توجيهات لعله جمود شديد.
ومن عجيب الجمود ما حكى عن القرطبي من انه قال الحكم مختص بمن فقد ثلاثة أو اثنين ولا يشمل من فقد فوق الثلاثة فحرى ان ينشد له (چون كه صد آمد نود هم نزد ما است) قوله الا تحلة القسم التحلة بفتح المثناة وكسر المهملة وتشديد اللام مع التاء وبغيرها وهو شاذ مصدر حلل اليمين اى ما ينحل به القسم وهو مثل في القليل المفرط قال أهل اللغة فعلته تحلة القسم اى قدر ما حللت به يميني ولم أبالغ.
وقال أبو عبيد : المراد في الحديث قوله تعالى (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) فغلطه ابن قتيبة وقال ليس في الآية قسم وانما قال وان منكم الا واردها ولم يقسم واعترض على ابن قتيبة غير واحد من الاعلام بان القسم في الآية مقدر اى والله ان منكم. ـ