خطبة.
(أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ) اي سترتم واضمرتم في قلوبكم من نكاحهنّ بعد مضى عدّتهن ولم تذكروه بألسنتكم لا معرضين ولا مصرحين (عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ) لا محالة ولا تصبرون على الكتمان والسّكوت عن النّطق برغبتكم فيهن وعدم صبركم لأنّ شهوة النفس إذا حصلت في باب النّكاح لم يكد المرء يصبر عن النطق بما ينبئ عن ذلك وهذه الجملة كالمعللة لرفع الجناح بالتّعريض في الخطبة وفيه نوع توبيخ (وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا) استدراك عن محذوف دلّ عليه ستذكرونهن اي فاذكروهنّ (وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا) اي نكاحا أو جماعا عبر بالسرّ عنه كقول امرئ القيس
الا زعمت بسباسة اليوم اننى |
|
كسرت والا نحن السر أمثال |
ويحتمل ان يراد بالمواعدة سرا المواعدة بما يستهجن لأنّ مسارتهنّ في الغالب بما يستهجن من المجاهرة به.
(إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً) وهو ان تعرضوا بالخطبة ولا تصرحوا بها وقد تظافرت أخبارنا عن الأئمة عليهمالسلام بانّ المراد بالقول المعروف التّعريض بالخطبة وفيها انّ من المواعدة سرّا ان تقول لها موعدك بيت فلان وان منها ان يعزم عقدة النّكاح وهو في الحقيقة استثناء من لا تواعدوهنّ اي لا تواعدوهنّ مواعدة قط إلّا مواعدة معروفة غير منكرة مشتملة على تعريض لا تصريح أو لا تواعدوهنّ الّا بالقول المعروف وهو التّعريض وعلى هذا فسرّا غير داخل في المستثنى منه.
ويمكن دخوله فيه بان يقال : لما اذن بالتّعريض ثم نهى عن المسارة معها دفعا للريبة استثنى عنه ان يسارها بالقول المعروف وذلك ان يعدها في السّر بالإحسان إليها والاهتمام بشأنها والتكفل بمصالحها حتّى يصير ذكر هذه الأشياء الجميلة مؤكّدة لذلك التعريض ولا يجوز أن يكون الاستثناء منقطعا من سرّا لأدّائه إلى قولك لا تواعدوهنّ الّا التّعريض والتعريض غير مواعد به بل مذكور في الحال.
وفيه نظر فإنّه على تقدير انقطاع الاستثناء يكون مفاد الكلام انّكم لا تواعدوهنّ مواعدة سرا ولكن تعرضوا لهنّ بالقول المعروف الّذي لا يشتمل على التّصريح بالخطبة