فأذنوا بنوع من الحرب عظيم من عند الله ورسوله [والمراد المبالغة في التهديد دون نفس الحرب ، أو المراد الحرب نفسه ، والمراد أن من أصرّ على أكل الربا ان كان شخصا واحدا وقدر الامام عليه قبض عليه وأجرى فيه حكم الله من الحبس والتعزير الى أن يظهر منه التوبة ، وان كان ممن له شوكة حاربه].
واستدلّ بها على قتال المربي حتى يرجع كما يقاتل تارك الزكاة الى أن يؤديها قيل لما نزلت قال ثقيف لا يدي لنا بحرب الله ورسوله ، أي لا طاقة لنا به.
(وَإِنْ تُبْتُمْ) من الارتباء (فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ) فقط لا الزيادة التي شرطتموها فإنها مال الغير ولم يخرج عن ملكه (لا تَظْلِمُونَ) المديونين بطلب الزيادة على رؤوس الأموال (وَلا تُظْلَمُونَ) بالنقصان منها. ومقتضى الشرط انهم إذا لم يتوبوا ليس لهم رؤوس أموالهم. قال القاضي (١) وهو سديد على ما قلناه ، إذ المصر على التحليل مرتد وماله فيء وقال في الكشاف (٢) يكون ماله فيئا.
قال بعض أصحابنا : وهذا ليس بشيء ، لأنا نمنع انه إذا لم يتب يكون مرتدا لجواز أن يفعله ويعتقد تحريمه.
ولا يخفى عليك ما فيه ، فان القاضي قدر في الآية ان تبتم من اعتقاد حل الربا فلكم رؤوس أموالكم ، ومقتضى المفهوم انهم إذا لم يتوبوا عن اعتقاد الحل بل بقوا عليه كانوا مقيمين على الكفر ، إذ اعتقاد الحل فيه كفر ، وحينئذ فلا وجه لأن يقال عليه انه يفعله مع اعتقاد التحريم ، لأن ذلك غير مفهوم الشرط ، الا ان يقال لا حاجة الى التقييد ، وفيه ما فيه.
على ان صاحب الكشاف لم يصرح بكونه مرتدا وان حكم بأن ماله فيء للمسلمين ويجوز أن يكون له وجه في ذلك غير ما ذكره القاضي ، ولو كان هو فقد عرفته.
ويمكن دفع ما قالاه ـ بعد تسليم الارتداد ـ بأن مال المرتد لا نسلم أنه فيء للمسلمين ، إذ هو اما عن فطرة وماله ينتقل الى وارثه ، فان الارتداد في حقه بمثابة
__________________
(١) البيضاوي ج ١ ص ٢٦٩ ط مصطفى محمد.
(٢) الكشاف ج ١ ص ٣٢٢ ط دار الكتاب العربي.