الموت الموجب قسمة أمواله بين ورثته ، وان كان عن ملة فما له باق على ملكه وان كان محجورا عليه في التصرف فيه [فمتى عاد إلى الإسلام انفك الحجر عنه وان مات فهو لورثته المسلمين ان كانوا والا فلبيت المال].
وعلى هذا أصحابنا أجمع ، وفي الاخبار دلالة عليه أيضا ، فإن كان العامة يوافقونا في ذلك لم يتم ما ذكراه ، والا فيمكن أن يقال الأصل عدم خروج ملك الشخص عنه الا بدليل واضح ، والآية غير واضحة في ذلك ، مع أن المفهوم انما يصار إليه إذا لم يكن في الكلام فائدة سواه ، ولا نسلم أنه هنا كذلك. سلمنا لكن نقول المنطوق حصول رأس المال فقط ، فمفهومه عدم حصوله فقط ، وهو كذلك لحصول العقاب معه أيضا. أو نقول منطوق الآية ان التائبين عن فعل الربا أو تحليله لهم تمام رأس مالهم حالكونهم غير ظالمين لأنفسهم بترك التوبة ولا لغيرهم بطلب ما لا يستحقونه ولا مظلومين بحصول عقاب من عند أنفسهم أو بنقص مالهم فجملة «لا يظلمون» حال.
ومفهوم الآية انهم إذا لم يتوبوا لا يكونون كذلك ، وهو حق ، فإنهم ليس لهم رأس مالهم مع الحال المذكور ، أعني عدم ظلمهم أنفسهم وغيرهم ، بل مع نقيضها ، إذ هم حينئذ ظالمون أنفسهم بل غيرهم أيضا ، ومظلومين أيضا لظلمهم أنفسهم. وهذا المقدار يكفي لاعتبار المفهوم ، فان ارتفاع المركب يكفي فيه ارتفاع أحد اجزائه.
وبالجملة يستبعد خروج ملك الشخص عنه من غير أن ينتقل الى وارثه بمجرد الردة ويصير ماله فيئا للمسلمين ، خصوصا مع احتمال الرجوع وقبول التوبة منه ، مع ان الأصل يقتضي بقاء المال على ملكية صاحبه ولا يخرج عنه الا بوجه شرعي ناقل عنه الى غيره ، وكون ما ذكروه ناقلا غير معلوم ـ فتأمل.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً) أي لا تزيدوا زيادات مكررة ولا تضاعفوا به أموالكم ، أو لا تضاعفوا الزيادة أضعاف الأصل ، أو أضعاف ما يتعارف في الربح. ولعل التخصيص بذلك نظرا الى ما هو الواقع ، إذ كان الرجل منهم يربى إلى أجل فإذا بلغ الدين محله زاد في الأجل بزيادة من المال ، وهكذا حتى يستغرق بالشيء الطفيف مال المديون [والا فأكل الربا محرّم وان لم يكن بهذه المثابة].