(وَاتَّقُوا اللهَ) فيما نهاكم عنه واحذروا الأفعال الموجبة لدخول النار (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) لكي تفوزوا بإدراك ما تأملونه.
(وَاتَّقُوا النَّارَ) أي الأفعال الموجبة لدخولها كأكل الربا ونحوه (الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) وفيه تنبيه على أن النار بالذات معدة للكفار ، فدخول غيرهم من الفساق انما يكون على وجه التبع ، ولقد وقع التكرار في الآيات الدالة على تحريم الربا للتأكيد وللمبالغة في التحرز عنه والاجتناب منه.
واعلم ان هذه الآيات وان اقتضت التحريم في جميع ما يمكن فيه الزيادة ، الا ان أصحابنا خصوها بالزيادة الحاصلة في المكيل أو الموزون إذا بيع بمثله ، وكذا المعدود عند بعضهم. وكذا اقتضت عموم التحريم بالنسبة الى جميع المكلفين ، لكن أصحابنا (١) خصصوها ببعض المواضع التي دل الدليل (٢) على جواز الربا فيها ، كالربا بين الوالد وولده والزوج والزوجة والمسلم والحربي والسيد والعبد. وأخذ بعض العامة بظاهر العموم فمنع في الجميع ، وتفصيل ذلك يعلم من كتب الفروع.
الثالثة : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ. الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ. وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ. أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ).
(وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) التطفيف البخس في الكيل أو الوزن ، أى التنقيص على وجه الخيانة. والطفيف النزر القليل. والتركيب يدل على التقليل. قال الزجاج : وانما قيل له مطفف لأنه لا يكاد يسرق الا الشيء الطفيف. قيل كان أهل المدينة من أخبث الناس كيلا الى ان أنزل الله الآية فأحسنوا الكيل.
(الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ) أي إذا اكتالوا من الناس حقوقهم
__________________
(١) انظر الباب ٦ من أبواب الربا من الوسائل ج ٢ ص ٥٩٩ ومستدرك الوسائل ج ٢ ص ٤٨٠.
(٢) انظر الباب ٧ من أبواب الربا من الوسائل ج ٢ ص ٥٩٩ وج ٢ ص ٤٨٠ من مستدرك الوسائل.