لأنفسهم يأخذونها وافية. والاكتيال الأخذ بالكيل ، ونظيره الاتزان ، وهو الأخذ بالوزن. ولم يذكر الاتزان لأنهما مما يقع البيع والشراء بأحدهما ، فذكر أحدهما يدل على الآخر. والجار متعلق باكتالوا ، والأصل أن يقال اكتالوا منهم ، لكن لما كان اكتيالهم من الناس اكتيالا يضرهم ويتحامل فيه عليهم أبدل «على» مكان «من» للدلالة علي ذلك.
ويجوز أن يتعلق بيستوفون وتقدم المفعول على الفعل لإفادة الخصوصية ، أى يستوفون على الناس خاصة فأما أنفسهم فيستوفون لها. وقيل انّ من وعلى يعتقبان هذا الموضع لأنه حق عليه ، فإذا قال اكتلت عليك أراد أخذت ما عليك ، وإذا قال اكتلت منك أراد استوفيت منك.
(وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ) أى كالوا لهم أو وزنوا لهم ، والمعنى أنهم إذا كالوا لغيرهم أو وزنوا له (يُخْسِرُونَ) ينقصون في الكيل والوزن ، والكلام من باب الحذف والإيصال ، لأن كالوا ووزنوا يتعدى باللام. يحتمل أن يكون على حذف المضاف واقامة المضاف إليه مقامه ، والمقدر المضاف هو المكيل والموزون ، والتقدير وإذا كالوا مكيلهم أو وزنوا وزنهم.
قال في الكشاف : ولا يحسن أن يكون ضميرا مرفوعا للمطففين ، لأن الكلام يخرج به الى نظم فاسد ، وذلك لأن المعنى إذا أخذوا من الناس استوفوا وإذا أعطوهم أخسروا ، وان جعلت الضمير للمطففين انقلب الى قولك إذا تولوا الكيل والوزن هم على الخصوص أخسروا ، وهو كلام متنافر ، لأن الحديث واقع في الفعل لا في المباشر ـ انتهى.
وحاصله ان المقصود بيان حالهم في الأخذ من الناس والدفع إليهم ، وليس المقصود مجرد مباشرة الكيل والوزن ، فلو حمل عليه فاتت المقابلة بين القسمين وخرج الكلام عن النظم الصحيح ، وكما لا يصح كونه تأكيدا لا يصح كونه فصلا لأنه انما يكون بين المبتدأ والخبر ونحوه ، وهو غير حاصل هنا.