وكيف كان قد عرفت أن في المبحث أقوالا ثلاثة ، أظهرها الثاني كما مرت إليه الإشارة ، لنا عليه أمور ثلاثة :
(الأول) : إن المراد بالأسباب كما مرّ سابقا هو الخطابات المسببة ، وهي سواء كانت مختلفة الحقيقة أو متفقة الحقيقة مستلزمة لتعدد الطلب بحسبها ، وإلا يلزم أن يكون بعضها لغوا أو مؤكدا ، وهو خلف ومحال لا خفاء فيه. فمنع الاستلزام مطلقا أو في المتفقه الحقيقة ـ نظرا إلى ما قيل من أنها معرّفات لا مؤثرات ـ فتعددها لا يستلزم لتعدد الطلب أو إلى استلزامه لتحصيل الحاصل ، لأن حصول الطلب بالخطاب الثاني مثلا بعد حصوله من الأول وتعلقه بما تعلق به الأول كما هو المفروض تحصيل للحاصل لا خفاء في بطلانه. أو إلى أن قابلية المحل من شروط عقلية مفقودة في المبحث ظاهرا ، لأن الواحد الجنسي كالواحد الشخصي مما لا يقبل التكرار والتعدد ، فلا بد من صرف السبب عن ظاهره بجعله تأكيدا أو معرّفا ، أو إلى ما عن السرائر في باب وطي الحائض بما محصله : إن كون كل وطي سببا للكفارة مما يحتاج إلى دليل معتبر مفقود هنا ظاهرا ، لأن الوطي اسم للجنس وموضوع له لا للعموم ، فالمتعين في مثله هو الأخذ بالمتيقن ودفع الزائد عنه بأصالة البراءة.
وإليه ينظر ما عن مختلف العلامة قدسسره في باب سجدة السهو من أن الحكم معلق على الجنس وهو صادق على الوحدة والتعدد ، فلا يكون الثاني مؤثرا. مما لا وجه له ، لعدم نهوض شيء منها بإثباته :
أما الأول : فلما عرفته في الأمر السابع لا حاجة إلى الإعادة.
وأما الثاني : فلأنه مضافا إلى أنه يتم فيما إذا كانت الأسباب تدريجية لا دفعية ـ مع أنه لا فرق بينهما في المسألة كما سبقت إليه الإشارة ـ أنه يتم فيما