تقديم
عالج العلامة الفقيه المغفور له الشيخ إبراهيم الرودسري ـ قدس الله نفسه الزكية ـ في كتابه الماثل بين يدي القارئ الكريم «الفوائد الغروية» بحوثا تتصل بالفقه وأصول الفقه ، وكانت معالجته لها معالجة عالم يقظ عارف بالمباني الأصولية والفقهية التي يتبناها الأصوليون والفقهاء الذين درس لديهم المؤلف أو اتصل عصره بعصرهم.
تلفت الفوائد النظر إلى تأني مؤلفها في الاستنتاج والحكم ، فهو غير متسرع إلى الحكم فيما يرتئيه والبت بما توصل إليه ، بل يقلب ما قيل في الموضوع وجها لبطن ويدرس مختلف الآراء والنظريات بعمق وتروي ، ثم يدلي رأيه بين الآراء غير مصر عليه ، بل ربما لا يقطع برأي خاص فيه ويجعل الطريق مفتوحا لباقي النظريات العلمية في المسألة التي يبحث عنها.
إن الكتاب يحتوي على بحوث عامة مهمة يجب أن يتنبه لها الفقيه المتصدي للاجتهاد واستنباط الأحكام الشرعية ، لا يمكن الاستغناء عنها وغض الطرف عن الدقة فيها إذا أراد الباحث أن يكون مدققا عميق النظر في المسائل المطروحة على الصعيد العلمي.
يعلمنا مؤلف هذه الفوائد كيفية البحث عن المسائل والغوص في بحار الآراء لاستخراج اللآلي الصافية وعرضها على الآخرين كنماذج ممتازة يحق الركون إليها والأخذ بها. فيخطط لنا عملا ـ بالرغم من معالجته العلمية المقصودة بالذات ـ طرق التصدي للاجتهاد والاستنباط ، وبه نعرف معنى «المجتهد» و«المستنبط» بالمفهوم الصحيح لهذين التعبيرين.