ولا مجال لإنكاره ، فتبصر.
(الثاني) : إن الأصحاب بعد اختلافهم في معذورية الجاهل بالحكم الشرعي العامل بما يوافق الأصل قبل الفحص عن الأدلة وتحصيل العلم أو الظن المعتبر بعدم المعارض ، اتفقوا على معذوريته وضعا لا تكليفا في موضعين :
أحدهما : ما إذا أجهر في موضع الإخفات ، أو العكس.
وثانيهما : ما إذا تمم في موضع القصر دون العكس ظاهرا.
وحكموا في هذين الموردين بصحة المأتي به وأنه مسقط للقضاء والإعادة وإن لم يكن موجبا لارتفاع المؤاخذة ، فوقعوا في إشكال قوي تعرضه غير واحد من المحققين محصله : إن الجاهل المزبور مع كونه مكلفا فعلا فيهما بالواقع الأولي ـ كما هو مقتضى حسن المؤاخذة التي هي على تركه لا غير كما أشرنا إليه سابقا ـ إما مكلف فعلا أيضا بما يأتي به في الموضعين من الصلاة الجهرية أو القصرية مثلا أو لا ، والأول لكونه تكليفا محالا أو تكليفا بالمحال ، لعدم قدرته على الامتثال فاسد لا مجال لإنكاره ، والثاني مستلزم لأن لا يكون المأتي به فيهما صحيحا مسقطا للقضاء والإعادة ، لتوقف صحته على الأمر الشرعي المفروض فقده ، فالحكم بصحة العبادة المأتي به فيهما لا يجتمع مع حسن المؤاخذة وبقائها كما لا يخفى ، فاغتنم.
وأجيب عنه بوجوه ثلاثة :
أحدها : إن الجاهل في الموضعين مكلف فعلا بالمأتي به فيهما لا بالواقع المتروك ، وذلك إما لكون الجهل فيهما كالجهل بالموضوع في كون صاحبه مكلفا بالمأتي به لا بالواقع ، أو لكون تكليفه بالواقع فيهما مشروطا بالعلم به