باعتبار مطابقتها الواقعية ولا مطابقتها ، وهي تغاير العلم مغايرة العارض والمعروض ؛ فإنها معروضة له. كما أن الإنشاء يعتبر فيه أمر ثالث ، وهو الطلب المغاير للإرادة والكراهة ، كما عليه الأشاعرة خلافا للمعتزلة ، وهو الحق. انتهى.
وجهه بعد ما مرت الإشارة إليه ظاهر ، فتبصر.
ثم ان هنا إشكالين مشهورين أحدهما ما ينشأ من ظاهر لفظي العلم والأحكام ، ويناسب لما اخترناه سابقا من معنى الحكم لا غيره كما مرت إليه الإشارة ، وقرّره في القوانين قدسسره بما هذا لفظه : إن الفقه أكثره من باب الظن لإثباته غالبا على ما هو ظني الدلالة أو السند فما معنى العلم ، ومحصّله إن لفظ العلم ظاهر في القطع ولفظ الأحكام بمادته ظاهر في الحكم الواقعي الأولي ، فإرادة الظاهر منهما ـ كما هو الظاهر ـ مستلزمة لخروج أكثر المسائل للبناء المزبور ، فلا ينعكس التعريف جزما.
وأجيب عنه تارة بالتصرف في لفظ العلم وهو لوجهين :
أحدهما : أن المراد بالعلم هنا الظن ، وإنه استعارة منه بمثابة رجحان الحصول كما عن الزبدة.
وثانيهما : أن المراد به هو الاعتقاد الراجح معبرا عنه بذكر الخاص وإرادة العام الشامل للظن والقطع معا كما في المعالم.
ولا يخفى ما فيهما : أما الأول فلأنه وإن كان مما يندفع به الإشكال ، إلا أن الالتزام بكون مظنون الفقيه كله أو مقطوعه كله حكما واقعيا أوّليا دائما لا يناسب مع مذهب المخطئة كمناسبته مع المصوبة ، فهو كرّ على ما فرّ منه بوجه آخر لا خفاء فيه. ومنه يظهر ما في الثاني.