كالسمك في الماء والطير في الهواء ، فإن ما هذه حاله لا يجوز بيعه بلا خلاف. وهو ـ لا سيما مع اعتضاده بالأمور المتقدمة ـ كاف في إثبات المرام ولا مجال لإنكاره.
ثم لا خفاء في أن المحكي عن الغنية صريح في شرطية القدرة ، فدعوى ظهورها في مانعية العجز كما عن بعض مما ينادي هو بفسادها جدا. مع أن التردد بين شرطية الشيء ومانعيته مقابله ، إنما يصح في الضدين كالفسق والعدالة ونحوهما. ولا خفاء في أن القدرة والعجز ليسا من قبيلهما ، لأن العجز أمر عدمي ، حيث إنه عدم القدرة عمن من شأنه صنفا أو نوعا أو جنسا أن يقدر ، فجعله مانعا مع أنه الأمر الوجودي الذي يلزم من وجوده العدم مما لا وجه له جدا.
واستدل للقول الثاني المنسوب إلى القطيفي بوجوه :
منها : إن التسليم من مقتضيات العقد ومعلولا له ، فلا يصح أن يكون شرطا له ، لاستلزامه دورا لا خفاء في بطلانه.
لكنه ممنوع جدا ، لأن العقد علة لنقل المبيع من المالك إلى المشتري المستتبع لأدائه وتسليمه إليه ، فجعله معلولا للعقد فاسد لا خفاء فيه.
ومنها : إن إقدام المشتري على شراء غير المقدور عليه ، لا سيما مع علمه به موجب لانتفاء الغرر ورضى منه بسقوط حقه التسليم. لا خفاء فيه ، لكنه مما لا وجه له ، لأن سقوط ما ثبت اعتباره في صحة البيع تعبدا مما يحتاج إلى دليل مفقود أولا ، واستلزامه لإنشاء الغرر مبني على كون الغرر المنهي عنه بمعنى الخدعة ، وقد عرفت مما مر خلافه ثانيا. مضافا إلى أن المستفاد من حديث الغرر إما مانعية العجز أو شرطية القدرة ، ولازمه فساد البيع مع فقد