واعتبر الاخباريون اتخاذ العقل والاجماع دليلين للاحكام ، عملا برأي الواحد ورأي الكثيرين في الاحكام ، في مقابل العمل بالكتاب والسنّة ، وتراءى لهم ـ أيضا ـ انّ تقليد المجتهد انّما هو عمل برأي المجتهد في شريعة الله.
في حين انّ الاجتهاد والمجتهد لدى علماء الأصول بمدرسة أهل البيت ، تسميتان عرفيتان للفقه والفقيه ، المصطلحين الاسلاميين ، واشتراك في الاسم مع مصطلح مدرسة الخلفاء ، وليس في المدلول.
وانّ المراد بالعمل بحكم العقل ، ليس مساوقا للعمل بالقياس والاستحسان وأمثالهما في مدرسة الخلفاء ولا مجال لذكر تفصيل الفارق بينهما وتمحيص الاستدلال بالعقل هنا.
وأمّا العمل بالاجماع فإنّ العمل به عمل بالسنّة في الحكم الذي دلّ عليه الإجماع ، لانّه كاشف عن قول المعصوم في الحكم ، أي : انّه كاشف عن وجود السنّة في الحكم.
وانّ التقليد عبارة عن رجوع الجاهل الى العالم ، أي الى رواة السنّة من الذين لهم دراية في فهم السنّة والقرآن.
بناء على ما ذكرنا ، انّ الاشتراك الاسمي في هذه المصطلحات بين المدرستين ، مع اختلاف مدلولاتها ، أدّى بالاخباريين الى المغالاة في الرجوع الى الاخبار ، أي الاحاديث مهما كانت درجتها من الصحة والضعف ، وضعفوا عن طرح الاحاديث الضعيفة ، وأحيانا أوّلوا نصوص القرآن بمفاد الروايات الضعيفة.
وتعاظم أمر الاخباريين ، وانتشرت كلمتهم على يد عميدهم «محمد أمين الاسترآبادي» (ت : ١٠٣٣ ـ أو ـ ١٠٣٦ ه) حتى قيام عميد مدرسة الاصول في عصره الاستاذ البهبهاني محمد اكمل (ت : ١٢٠٦ ه) وتلامذته ، فانّهم استطاعوا أن يكسروا شوكة الاخباريين ، غير انّه بقي منهم أفراد معدودون في كل عصر ،