موضع عثمان يومذاك من جمع القرآن؟!
ويقول : كانت المصاحف المرسلة الى الآفاق كلّها بخطّ يد عثمان؟! وهل كان عثمان يكتب المصاحف بخطّ يده؟!
وتارة يقول : إنّ عمر أحرق مصحف ابن مسعود ، وأراد إحراق مصحف عليّ أيضا ، واحتال في ذلك فلم يقدر!!
واخرى يقول : «إنّ أبا بكر وعمر هما اللذان أحرقا المصاحف ، وانتخبا ما جمعه عثمان في مصحفه ، فجعلوها في قدر وطبخوها!!».
وأخيرا فإنّه يجعل من اختلاف القراءات دليلا على تحريف القرآن؟!
وقد أسبقنا ـ في بحث القراءات ـ أنّ القرآن شيء والقراءات شيء آخر.
والعمدة استناده الى لفيف من روايات زعمها متواترة ووافية باثبات المطلوب ، وذكر منها نماذج حسبها من أجلى الدلائل النقلية لاثبات المقصود.
ونحن إذ نأتي على روايات الباب جملة وافرادا في مجاله المناسب الآتي ، نحاول نقد هذه النماذج عاجلا ، ليتبيّن وهن مستمسك القوم فيما عرضوه من روايات. إذ ما دلّ منها على التحريف لا اسناد له صالحا للاعتبار ، وما صحّ سنده لا مساس له بمسألة التحريف. وعليه فقس ما سواه.
أمّا حديث إسقاط ثلث القرآن من آية النساء / ٣ ، فهذا ممّا تفرّد به صاحب الاحتجاج (١) نقلا مرسلا على عادته في ايراد المراسيل ، ومن ثمّ فإنّ كتابه غير صالح للاعتماد وعليه لم يعتمده الاصحاب حتى إنّ السيد هاشم البحراني (ت : ١١٠٧) لم يعتبره ، ولم يورد الحديث في تفسيره «البرهان» الذي وضعه على
__________________
(١) راجع ج ١ ص ٣٧٧ ط. نجف. أبي منصور أحمد بن علي الطبرسي (٦٢٠) وراجع تفصيله في البحث عن احتجاج الطبرسي الآتي واعتراض الشيخ النوري على الصدوق فيما أورد من الرواية مسندا وعاريا عما جاء في الاحتجاج مرسلا.