وَلا مِنْ خَلْفِهِ). وقال : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ). و ـ أيضا ـ يتنافى مع روايات العرض على القرآن. فما دلّ على وقوع التحريف مخالف لكتاب الله وتكذيب له. فيجب ردّه والحكم بفساده أو تأويله (١).
وقال في كتابه الذي وضعه في بيان اصول الدين ـ عند الكلام عن إعجاز القرآن ، واستعراض جملة من روايات تسند التحريف إلى كتاب الله ـ قال : ويرد على هذا كلّه إشكال ، وهو : أنّه على ذلك التقدير لم يبق لنا اعتماد على شيء من القرآن ، إذ على هذا يحتمل كلّ آية منه أن تكون محرّفة ومغيّرة وتكون على خلاف ما أنزله الله ، فلم يبق في القرآن لنا حجّة أصلا ، فتنتفي فائدته وفائدة الأمر باتّباعه والوصيّة به.
وأيضا ، قال الله عزوجل : (وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ). فكيف تطرّق إليه التحريف والنقصان والتغيير!؟ وأيضا ، قال الله عزوجل : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ).
وأيضا قد استفاض عن النبي (ص) وعن الائمة عليهمالسلام عرض الخبر المرويّ عنهم على كتاب الله ، ليعلم صحّته بموافقته له وفساده بمخالفته. فإذا كان القرآن الذي بأيدينا محرّفا مغيّرا فما فائدة العرض ، مع أنّ خبر التحريف مخالف لكتاب الله مكذّب له ، فيجب ردّه والحكم بفساده أو تأويله.
قال : ويخطر بالبال في دفع الاشكال ـ والعلم عند الله ـ أنّ مرادهم عليهمالسلام بالتحريف والتغيير والحذف إنّما هو من حيث المعنى دون اللفظ ، أي حرّفوه وغيّروه في تفسيره وتأويله ، أي حملوه على خلاف ما هو عليه في نفس الأمر ، فمعنى قولهم عليهمالسلام : كذا أنزلت ، أنّ المراد به ذلك ، لا ما يفهمه
__________________
(١) الصافي ١ / ٣٣ ـ ٣٤ المقدمة السادسة ، والوافي ٢ / ٢٧٣ ـ ٢٧٤.