الحادي عشر في مخرجه إلى العراق
قال كمال الدين بن طلحة رحمهالله هذا فصل للقلم في أرجائه مجال واسع ومقال جامع وسمع كل مؤمن وقلبه إليه وله مصيخ وسامع لكن الرغبة في الاختصار تطوي أطراف بساطه والرهبة من الإكثار تصدف عن تطويله وإفراطه وحين وقف على أصله وزائده خص الأصل بإثباته والزائد بإسقاطه.
وذلك أن معاوية لما استخلف ولده يزيد ثم مات كتب يزيد كتابا إلى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان وهو يومئذ والي المدينة يحثه فيه على أخذ البيعة من الحسين ع فرأى الحسين أمورا اقتضت أنه خرج من المدينة قاصدا إلى مكة وأقام بها ووصل الخبر إلى الكوفة بموت معاوية وولاية يزيد مكانه فاتفق منهم جمع جم وكتبوا كتابا إلى الحسين يدعونه إليهم ويبذلون له فيه القيام بين يديه بأنفسهم وأموالهم وبالغوا في ذلك وتتابعت إليه الكتب نحوا من مائة وخمسين كتابا من كل طائفة وجماعة كتاب يحثونه فيها على القدوم وآخر ما ورد عليه كتاب من جماعتهم على يد قاصدين من ثقاتهم وصورته:
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) للحسين بن علي أمير المؤمنين من شيعته وشيعة أبيه علي أمير المؤمنين سلام الله عليك أما بعد فإن الناس منتظروك ولا رأي لهم غيرك فالعجل العجل يا ابن رسول الله والسلام عليك ورحمهالله.
فكتب ع جوابهم وسير إليهم ابن عمه مسلم بن عقيل فوصل إليهم وجرت له قضايا ووقائع لا حاجة إلى ذكرها وآل الأمر إلى أن الحسين توجه بنفسه وأهله وأولاده إلى الكوفة (لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً) وكان عند وصول مسلم بن عقيل إلى الكوفة واجتماع الشيعة إليه وأخذه البيعة للحسين بن علي ع كتب والي الكوفة وهو النعمان بن بشير إلى يزيد بذلك فجهز عبيد الله بن زياد إلى الكوفة فلما قرب منها تنكر ودخلها ليلا وأوهم أنه الحسين ودخلها من جهة البادية في زي أهل الحجاز فصار يجتاز بجماعة جماعة فيسلم عليهم ولا