واجتمعت فنونها وسائر أنواعها في آل محمد ع ألا ترى إلى ما روي عن أمير المؤمنين ع في أبواب التوحيد والكلام الباهر المفيد من الخطب وعلوم الدين وأحكام الشريعة وتفسير القرآن وغير ذلك ما زاد على جميع كلام الخطباء والعلماء والفصحاء والحكماء والبلغاء حتى أخذ منه المتكلمون والفقهاء والمفسرون ونقل عنه أهل العربية أصول الإعراب ومعاني اللغات وقال في الطب ما استفاد منه الأطباء وفي الحكم والوصايا والآداب ما أربى على جميع كلام الحكماء وفي النجوم وعلم الآثار ما استفاده من جهته جميع أهل الملل والآراء ثم قد نقلت الطوائف عمن ذكرناه من عترته وأبنائه ع مثل ذلك من العلوم في جميع الأنحاء ولم يختلف في فضلهم وعلو درجتهم في ذلك من أهل العلم اثنان فقد ظهر عن الباقر والصادق ع من الفتاوي في الحلال والحرام والمسائل والأحكام وروى الناس عنهما من علوم الكلام وتفسير القرآن وقصص الأنبياء والمغازي والسير وأخبار العرب وملوك الأمم ما سمي أبو جعفر ع لأجله باقر العلم.
وروي عن الصادق ع من مشهوري أهل العلم أربعة آلاف إنسان وصنف من جواباته في المسائل أربعمائة كتاب هي معروفة بكتب الأصول رواها أصحابه وأصحاب أبيه وأصحاب ابنه موسى ع ولم يبق فن من فنون العلم إلا روي عنه ع فيه أبواب وكذلك كانت حالة ابنه موسى من بعده في إظهار العلوم حتى حبسه الرشيد ومنعه من ذلك وقد انتشر للرضا ع وابنه أبي جعفر من ذلك ما شهرة جملته تغني عن تفصيله وكذلك كانت سبيل أبي الحسن وأبي محمد العسكريين ع وإنما كانت الرواية عنهما أقل لأنهما كانا محبوسين في عسكر السلطان ممنوعين من الانبساط في الفتيا وأن يلقاهما كل أحد من الناس.
وإذا ثبت بما ذكرناه بينونة أئمتنا ع بما وصفناه عن جميع الأنام ولم يمكن أحدا أن يدعي أنهم أخذوا العلم عن رجال العامة أو تلقنوه من رواتهم وفقهائهم لأنهم لم يروا قط مختلفين إلى أحد من العلماء في تعلم شيء من العلوم ولأن ما نقل عنهم من العلوم فإن أكثره لا يعرف إلا منهم ولم يظهر إلا عنهم فعلمنا