شيء فجعل في مواضع أقماعه الإبر(١) أياما ثم نزعت منه وجيء به إليه فأكل منه وهو في علته التي ذكرناها فقتله وذكر أن ذلك من ألطف السموم.
ولما توفي الرضا ع كتم المأمون موته يوما وليلة ثم أنفذ إلى محمد بن جعفر الصادق ع وجماعة من آل أبي طالب الذين كانوا عنده فلما حضروه نعاه إليهم وبكى وأظهر حزنا شديدا وتوجعا وأراهم إياه صحيح الجسم وقال يعز علي أن أراك يا أخي في هذه الحال وقد كنت آمل أن أقدم قبلك فأبى الله إلا ما أراد ثم أمر بغسله وتكفينه وتحنيطه وخرج مع جنازته يحملها حتى انتهى إلى الموضع الذي هو مدفون فيه الآن فدفنه والموضع دار حميد بن قحطبة في قرية يقال لها سناباذ على دعوة (٢) من نوقان بأرض طوس وفيها قبر هارون الرشيد وقبر أبي الحسن ع بين يديه في قبلته.
ومضى الرضا ع ولم يترك ولدا نعلمه إلا ابنه الإمام بعده أبا جعفر محمد بن علي ع وكان سنه يوم وفاة أبيه سبع سنين وأشهرا آخر كلام الشيخ المفيد رحمهالله تعالى.
قال العبد الفقير إلى الله تعالى عبد الله علي بن عيسى جامع هذا الكتاب أثابه الله تعالى بلغني ممن أثق به أن السيد رضي الدين علي بن الطاوس رحمهالله كان لا يوافق على أن المأمون سقى عليا ع ولا يعتقده وكان رحمهالله كثير المطالعة والتنقيب والتفتيش على مثل ذلك والذي كان يظهر من المأمون من حنوه عليه وميله إليه واختياره له دون أهله وأولاده مما يؤيد ذلك ويقرره وقد ذكر المفيد رحمهالله شيئا ما يقبله نقدى ولعلي واهم وهو أن الإمام ع كان يعيب ابني سهل عند المأمون ويقبح ذكرهما إلى غير ذلك وما كان أشغله بأمور دينه وآخرته
__________________
(١) الاقماع جمع القمع : ما التزق بأسفل التمرة والبسرة ونحوهما حول علاقتهما. والابر جمع الإبرة.
(٢) أي قريب منه يقال هو منى دعوة الرجل اي هو قريب منى بيني وبينه قدر ما بيني وبين الذي أدعوه وهو متل قولهم هو منى رمية السهم.