وقال السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبة فتغير وجه الرشيد وتبين الغيظ فيه.
وأخبر عبد الحميد قال سأل محمد بن الحسن أبا الحسن موسى ع بمحضر من الرشيد وهم بمكة فقال أيجوز للمحرم أن يظلل على محمله نفسه (١) فقال له موسى لا يجوز له ذلك مع الاختيار فقال له محمد بن الحسن أفيجوز له أن يمشي تحت الظلال مختارا فقال له نعم فتضاحك له محمد بن الحسن من ذلك فقال له أبو الحسن موسى ع أتعجب من سنة النبي ص وتستهزئ بها أن رسول الله كشف ظلاله في إحرامه ومشى تحت الظلال وهو محرم إن أحكام الله يا محمد لا تقاس فمن قاس بعضها ببعض فقد ضل عن السبيل فسكت محمد بن الحسن لا يرجع جوابا.
وقد روى الناس عن أبي الحسن موسى ع فأكثروا وكان أفقه أهل زمانه كما قدمناه وأحفظهم لكتاب الله عزوجل وأحسنهم صوتا بالقرآن وكان إذا قرأ يحزن ويبكي ويبكي السامعين وكان الناس بالمدينة يسمونه زين المتهجدين وسمي بالكاظم لما كظمه من الغيظ وصبر عليه من فعل الظالمين به حتى مضى قتيلا في حبسهم ووثاقهم ص.
وقال باب ذكر السبب في وفاته وطرف من الخبر في ذلك.
وكان السبب في قبض الرشيد على أبي الحسن ع وحبسه وقتله ما ذكره أحمد بن عبيد الله بن عمار عن علي بن محمد النوفلي عن أبيه وأحمد بن محمد بن سعيد وأبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى عن مشايخهم قالوا كان السبب في أخذ موسى بن جعفر ع أن الرشيد جعل ابنه في حجر جعفر بن محمد بن الأشعث فحسده يحيى بن خالد بن برمك على ذلك وقال إن أفضت إليه الخلافة زالت دولتي ودولة ولدي فاحتال على جعفر بن محمد وكان يقول بالإمامة حتى داخله وآنس به وكان يكثر غشيانه في منزله فيقف على أمره ويرفعه إلى الرشيد ويزيد عليه في ذلك بما يقدح في قلبه ثم قال لبعض ثقاته تعرفون لي رجلا من آل أبي طالب ليس بواسع الحال
__________________
(١) وفي بعض النسخ «على نفسه».